كانا زوجين رائعين،فالحب والوفاق حبل يربط قلبيهما
مع بعضهما،لطالما كانا على وفاق تام،قلما تجد
المشكلات تحدث بينهما،لدرجة أن الجميع كانوا
ينظرون إليهم بعين حاقدة وحاسدة،والشيء الوحيد
الذي كان ينقصهما ابن أو ابنة معهما في البيت
فيجعلونهما أكثر سعادة،وأكثر محبة وألفة عن ذي قبل
فلم يمضي يوم إلا ويجلسان يذكران الله فيه ويدعيان
من قلبهما،أن يرزقهما بابن أو ابنة،فبالنسبة لهما ليس
بالمهم إن كان الصلاح موجود أم لا ،المهم الولادة و
الفرح بالمولود الجديد،وفعلا!
استجاب الله عز وجل لدعائهما،وأعطاهما سؤلهما
ورزقهما بابن،الذي اختارا(عدي)ليكون اسما له.
مرت السنون وكبر عدي،وقد كان كل سنة وهو يكبر
أمام ناظري والديه،يزيدهما فرحا ومسرة،وعندما
مرت مرحلة الطفولة،أصبح عدوانيا،كثير الشكوى،و
الجزع،كثير المشاكل والخصام،الحقد يسكن قلبه
والتجهم شبح ارتسم على وجهه،وقد أشقى والديه
كثيرا،وحطم قلبهما الضعيف مرارا وتكرارا،وفي كل مرة
يصرخ عليهما، ويسبهما ،ويشتمهما ويخرج.
افتقد والداه تلك الأيام الخوالي،عندما كان عدي طفلا
بريئا ،شتان مابينه وبين عدي القديم،سكنت الأحزان
في المنزل،وفي كل ركن وزاوية تسلق الاكتائب ولم
ينزل،وهذا عدي يسرح ويمرح مع أصدقائه إلى أن
أدمن على المخدرات،ورويدا رويدا التهم مصيدة غدر
الصديق،الذي غدر به وألقى بالمخدرات في سيارة عدي
بينما كان عدي يغط في نوم عميق،بسبب خلاف بسيط
نشب بينهما عندما سخر منه عدي،وعندما ألقي خلف
القضبان،شعر بشيء يمسك بقلبه ويريد أن يهتكه
فماهو؟
أهو شعور الإحساس بالذنب؟
أم شعور الخوف والحزن على نفسه وعلى والديه؟.
مرت أيام ولم يأت عدي إلى المنزل،والخوف والقلق
جبلان استقرا على فؤادهما،إلى أن أخبرهما جارهما
بكل ماحدث،فنزل الخبر كالصاعقة عليهما،فأما الأب
لم يحتمل فسقط فورا مغشيا عليه،وأخذ فورا إلى
المشفى ليجدوه قد فارق الحياة أصلا،وأما الأم
لم تبتسم ولم تضحك مذ ذلك اليوم،وكأنها جسد
بلا روح.
حينها سنعلم بأنه كلما زاد حبنا لشخص ما،كلما كانت
الأذية منها سكينا يطعن في الفؤاد حتى الموت.