أمي .. أمي
"اليوم صباحاً خرجتُ من المنزل .."
قالت رفيف الطفلة ذات العشرة أعوام و عيناها البريئتان تضجُّان فرحاً و ألقاً :
" قابلتُ أناساً لطفاء ودودين , أغدقوا عليّ بالكلام المنمّق المعسول .."
" كان جارنا أبو أسعد يقف أمام البناء الذي نقطنه فألقيتُ عليه تحية الصباح و قدّم لي قطعة لذيدة من الحلوى بعد أن قال لي تفضّلي يا أجمل رفيف "
" شاهدتُ أطفالاً صغاراً في مثل عمري يلعبون داخل الحديقة المجاورة لبيتنا , دعوني للإنضمام إليهم و اللعب معهم .."
" أمضينا وقتاً ممتعاً معاً و نحن نلعب بالكرة تارةً و بالمراجيح تارةً أخرى "
" كنتُ سعيدة جداً و على الرغم من أنها كانت أول مرةٍ التقيهم فيها و ألعب معهم إلا أنني لم أشعر أبداً بأنني غريبة عنهم ..!"
" كانوا ثلاثة , أمجد و أخته فاطمة و صديقهم طلال "
" أصبحنا أصدقاء , بل أكثر من ذلك , اتفقنا على أن نتواجد كل يوم في نفس المكان و نفس الزمان لنلعب ألعابنا المفضّلة "
" كم هو شيء جميل أن يكون لك أصدقاء تشاركهم اللعب و اللهو .! "
أمي .. أمي
"وأنا في طريق عودتي للمنزل , صادفتُ بائع الفستق العم جمال و هو يقف أمام عربته و ينادي ليشتري منه الناس ..
اقتربتُ منه و اشتريتُ كيسين من الفستق اللذيذ , واحد لكِ و واحد آخر لي , أعرف أنك تحبّين الفستق من عند العم جمال , و لكنني أسقطتُ أحد الكيسين أرضاً بينما كنت أقطع الشارع ..!
لا بأس يا أمي سنتشارك كيس الفستق المتبقي أنا و أنتِ "
سكتتْ رفيف لبرهة و هي تسمعُ صوت طرقٍ خفيفٍ على باب غرفتها..
"كيف حال فتاتي الجميلة اليوم ؟ " قالها والد رفيف و هو يهمُّ بدخول غرفتها ..
" أنا بخير يا أبي , كنتُ أُخبر أمي عمّا فعلته هذا اليوم " ردّت عليه رفيف بحماسٍ زائدٍ ..!!
إغرورقتْ عينا والد رفيف بالدموع و هو يقول لها :
" سنشتري لكِ كرسيّاً متحركاً يا فتاتي الغالية , سيُساعدك ذلك كثيراً , لا تقلقي , ستكونين بحال أفضل إن شاء الله"
ابتسمتْ رفيف وهي تسمع كلمات والدها و قد بدتْ عليها علامات الرضى و الإمتنان ..!
" اخلدي الآن إلى النوم يا صغيرتي , فجسدك الصغير يحتاج للراحة " قال والد رفيف و هو يخرج من غرفتها ..
" حاضر يا أبي " قالت رفيف ثم أعادت صورة أمها والتي كانت بين يديها إلى مكانها بجانب السرير و أغلقت عينيها متأملةً بصباح يوم جديد سعيد .