مقدمة
كل شخص يتمنى أن يصل إلى تلك المرحلة التي تمكنه من فهم الأشخاص الذين حوله فهملاً كاملاً، تمكنه من معرفة شخصياتهم وطرق تصرفاتهم تجاه الأمور المختلفة، من المعروف أن الإنسان كتوم بعض الشيء، ويخفي الكثير من تصرفاته وأفكاره أمامنا، ويظهرها أمام آخرين، رُبما يفعل ذلك؛ ليحقق غرضاً معيناً كأن يخفي علينا مساوئه ويظهر لنا بمظهر حسن ونتقبله ونكون إلى جانبه ولا نتركه بسبب سوء في تصرفاته او تفكيره أو ربما يريد تحقيق مصلحة معينة، عندما يصل الإنسان إلى مرحلة قراءة أفكار الآخرين يكون أكثر تحكماً في تصرفاته لمعرفته بماذا يفكر الشخص الذي أمامه، ويجيد التملص أو الاستعداد في حال قرأ فكرة عند الشخص بإيذائه، إذن قراءة الأفكار تفيد في الكثير من المواقف، وتكون الطريقة للنجاة من بعض الأشخاص الذين يخططون ليوقعونا في المشاكل، ولأن الناس تكذب وتمثل وتتقمص شخصيات غير شخصياتها الحقيقية لا بُد لنا من إتقان قراءة الأفكار لكشف حقيقتهم وإجادة التصرف الصحيح تجاه هؤلاء الأشخاص.
إن قراءة أفكار الآخرين تحول إلى موضوع أثار الجدل لدي الكثيرين من العلماء، فهناك خلاف بينهم فمنهم من ينكره ومنهم من يثبته ويؤكد وجوده. ما هي قراءة الأفكار؟ هي ظاهرة تجمع ما بين الاستبصار والاحتمال، مع التركيز، أي أنك تركز بصرك على الشخص الذي تريد قراءة أفكاره وتحتمل ما يفكر فيه بناءً على الكثير من الحركات والإشارات والإيماءات التي تصدر منه، وهي علم بحد ذاته، ويعرف في علم النفس باسم (الباراسايكولوجي) أما في اللغة العربية يُعرف بعلم الفراسة، وعلم الفراسة هو علم عربي قديم جداً، وُجد فيما قبل الإسلام، ويتطلب إتقانا ودراسة وتدريب عميق قد تستمر لفترات طويلة. ولكي تكون متمرساً في قراءة الأفكار عليك بالتدريب المكثف والممارسة وتعويد عقلك على التركيز بالتفاصيل التي تكون ذات دلالة كبيرة في قراءة الأفكار.
كيف تتم قراءة الأفكار
قراءة الأفكار ليست مستحيلة، ويمكن لأي شخص القيام بها إذ قام باتباع خطوات قراءة الأفكار والالتزام بها، هناك العديد من الأمور التي يجب على قارئ الأفكار أن يأخذها بعين الاعتبار ومنها معرفة (لغة الجسد) تلك اللغة التي تكون بدون كلمات أو أحاديث، وهي اللغة التي يتم فهمها من خلال حركات الجسد والتي كل حركة فيها لها دلالة، كل ذلك تمت معرفته عبر اختبارات كثيرة تم إجراءها من قبل علماء التنمية البشرية، من أجل تبسيط التعامل مع هذه اللغة وجعلها سهلة ومتاحة للجميع، حتى تصبح هناك قدرة لدى كل شخص على قراءة الأفكار، ومن انطلاق المعرفة بلغة الجسد تكون قراءة الأفكار؛ لأن الجسد هو الذي يعبر أكثر من الكلام؛ ولأن جميع الحركات التي تخرج من أجسامنا مصدرها العقل، ولا يمكن لأي جزء من أجسامنا التحرك دون قيام المخ بإرسال الملايين من الإشارات العصبية لعمل حركة بطريقة معينة، من هنا تبدأ قراءة الأفكار فمن لغة الجسد تستنبط الأفكار وأنت هنا تتواصل مع الجسد وليس مع اللسان، وفي كثير من الأحيان يصدر من الأشخاص حركات وإيماءات تكون عكس ما يتحدثون به لذلك على الأغلب تكون قراءة أفكار شخص ما أصدق من حديثه.
هناك الكثير من الأمور التي لا بد أن تكون على معرفة بها تخص (لغة الجسد) من حركات وإيماءات وأشياء يقوم بها الشخص تمكننا من فهمه فهماً جيداً وسهولة قراءة بماذا يفكر وما يدور في عقله، من هذه الأشياء الطريقة التي يجلس بها الشخص، وطريقة الجلوس لها بعض الدلالات فمثلاً إذا كان الشخص يجلس أمامك وركبتيه متجه إليك مباشرة فأنت قد جذبت هذا الشخص وحصلت على إعجابه وتركيزه التام، وأصبح يوافقك الرأي فيما تقول، أما إذا كانت ركبتيه في اتجاه آخر فاعلم أنه يجب عليك القيام بتغيير ما تتحدث به أو الانصراف؛ لأنه قد يكون أصابه الملل مما تتكلم فيه. وأيضاً من الحركات المهمة حركة العينين وتساعدك بكل سهولة معرفة الشخص صادق أم كاذب، فعندما تجد شخص يحكي لك قصة وهمية وغير صادقة تجد عينيه لا تتوقف عن النظر في كل الاتجاهات، وإذا كان نظره يتركز عليك فاعلم ان هذا الشخص صادق، وأيضاً من حركات العين اتساع البؤبؤ يعني أن الشخص سعيد بما يسمع منك من حديث، وإذا ضاقت فيعني حدوث العكس، أيضاً الحواجب لها دلالة فعندما يرفع الشخص حاجب واحد فيدل ذلك على أنه لا يصدق شيئاً مما تقول، أما إذا رفع الحاجبين فيكون متفاجئاً، أما إذا ضيق الحاجبين مع ابتسامة خفيفة فإنه يتعجب منك ولكنه لا يريد أن يُكذب حديثك، أما عن الأكتاف فيعني أن الشخص لا يبالي بحديثك، ولا يهمه ما تقول، وأصابع اليد عندما يقوم الشخص بنقرها في ذراع المقعد أو المكتب يعني ذلك عدم التحمل والعصبية، أما عن الأنف فعندما يقوم الشخص بحك أنفه وسحبها فيعني انه متحير مما تقول ولا يعلم ما الذي عليه ان يفعله، وأخيراً وضع اليد فوق الشفة وأسفل الأنف يعني أن هذا الشخص يخفي عليك شيئاً ولا يستطيع اخبارك به.
هذه الرموز والإيماءات تصدر من الأشخاص بشكل يومي، ويمكن من خلالها فهم الكثير مما يخفي عنك، واستنباط الأحاديث المدفونة داخل الأشخاص الذين تقابلهم وتتعامل معهم دائماً، تأكد بانك ستصل إلى قراءة الأفكار وما يدور في الأذهان عندما تتقن لغة الجسد وتمارسها بشكلٍ دائم، فممارستها ستكسبك خبرة كبيرة تجعلك تقرأ أفكار أي شخص بسرعة وحكمة.
يوجد الكثير من التجارب التي تم إجرائها وأثبتت فاعلية قراءة الأفكار وتحليل الأمور دون الحاجة لصراحة المتحدث، فحركاته وإيماءاته كانت كافية لتفسير ما يدور في عقله وما يخبئه ولا يمكن معرفته إلا من خلال جسده الذي يطلق لنا لغة تُفهم أسرع من حديثه وأصدق، ومن هوس العلماء في مجال قراءة الأفكار قاموا بتطوير برنامج إلكتروني يقوم على قراءة أنشطة دماغ الإنسان، وتحديد طبيعة الأفكار التي يفكر بها، من خلال الصور الخيالية الموجودة في تفكير الشخص، ولكن هذه القراءات ليست دقيقة فلا يُمكن معرفة ما يفكر فيه الشخص دون وجود ما يرتبط بهذا التفكير كالحركات والإيماءات التي تصدر منه بعفوية كاملة.
وفي النهاية لكي تحقق هدفك من قراءة أفكار الآخرين، يجب عليك التأني والصبر، وإعطاء نفسك الوقت الكافي لإتقان قراءة الأفكار، فهذا لا يأتي إلا مع التدريب والانتباه لكل ما يجري حولك، وجعل عقلك مركزاً دائماً على التفاصيل التي قد تكون مفيدة في الفهم والتفسير وقراءة الأفكار، حاول إذا أتقنت هذا العلم أن تستخدمه في الخير لا أن تستخدمه في إيذاء أحد، فقط استفيد أنت منه لحماية نفسك، أو لجعل الآخرين يحيدون عما يفكرون لو كان شراً، ومساعدتهم ليكونوا أفضل، فبهذه الطريقة تكون انت قد كسبت على كافة الأصعدة، وإذا وصلت إلى الاحتراف في قراءة أفكار الآخرين لا تكتم هذا العلم، انقله لغيرك كي يستفيد منه، وعلم غيرك الطرق السليمة التي قمت بإتباعها، كي يحافظوا على أنفسهم ويقوا نفسهم شر من يفكرون بإيذائهم أو التسبب بالمشاكل لهم.