مبنى «محكمة الضمير» مشيد داخل نفوسنا..
بنيته التحتية وشكله الهندسي وممراته الطويلة ومكاتبه وأرشيفه والعاملين فيه
هم مجرد خيال حقيقي ليقظة الضمير الذي يعيش داخل جسدنا البشري،
حيث تتفاوت درجة الإحساس به من شخص لآخر،
وتتفاوت معه أيضاً درجة الموت من شخص لآخر..
فالبعض لديه قدرة خارقة في إغلاق عين ضميره وتكميم فمه
وتقييد يديه وقدميه وإشهار السلاح في وجهه
حتى لا يخالفه في تحقيق مآربه الشيطانية،
والبعض كان حنوناً على ضميره فمنحه إجازة طويلة الأمد
براتب ليظل بعيداً عن عينيه،
والبعض وضع كبسولة منومة في كأس العصير المفضل لضميره
فجعلته يعيش خارج حدود الزمن،
فلم يعد يقوى على مراجعة تصرفاته صاحبه؛
لأنه كان غائباً عن مسرح الجريمة،
والبعض أصاب ضميره الزهايمر فغاب عن واقعه زمناً طويلاً
ويفيق للحظات دون أن يتذكر أين هو ومن هو صاحبه الخائن!.
والضمير قد يكون حيًا يقظًا ينبه صاحبه بعدم الإقدام على
فعل الأخطاء والآثام حين التفكير بها،
وأيضاً أن يكون الإنسان قادراً على الإيذاء ولا يُقدم
بأي حال من الأحوال على هذا الفعل
مما بلغت قدرته على ذلك حتى مع من أذاه يوماً
الضمير الحي يستوعب ويُدرك قيمة الإيثار
وحُب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة
من أجل نهضة ورُقي الجميع لينهض بهم ولهم
الضمير في الإنسان عبارة عن جهاز يقيّم الإنسان نفسه،
ومن ثم يقيّمه الآخرون من خلاله.