مقبرة شجرة الخوخ .
في الرابع عشر من أكتوبر نظرت إلى السماء التي ملائتها الغيوم السوداء الممطرة و ريحُ باردة تلفح وجهي العاري و تلك الرائحة التي لا تنسى رائحة الموتى المستلقين بجانب منزلي الصغير وقفت أمام بابي القديم و البرد ينخر عظامي وصوت الرعد يدب في نفسي الخوف من قادم مجهول لا أعرف عنوانه . دخلت المنزل و علقت معطفي الطويل على مسمار بجانب الباب كعادتي أخذت بعض الخطوات حتى توسط الغرفة المظلمة المبللة الخالية من الحياة إلا صوت أنفاس لم أعلم مصدرها أبدا و كلما شعرت بها يجعل ذلك روحي تنسلخ من جسدي من شدة الخوف و نبضات قلبي تصنع من قوتها صدى تعلن جهلي من النهاية ... بدء المطر بالهطول بغزارة و البرق من شدته يضئ غرفتي و تلك الأنفاس تزداد محدثة ضجيج بين الجدران .. أغلقت أذني بيدي المرتجفة لا أريد سماع ما يحدث حولي حتى بدءتُ بالهلوسة بأن تدعني تلك الاصوات و شأني لكن ذاك الضجيج استمر حتى أختفى تماما محدث ذلك الصمت الموحش الذي ايقض في نفسي رجفة كتمتها منذو زمن قلت في نفسي " ماذا يحدث بحق السماء أني بلا شك أتوهم " هكذا كنت أجعل لنفسي أمل و لكن ما رأيته أصابني بصاعقة .. أنها عينان بلون الليل الكاحل تنظران إلي من ثقبِ في جداري خلفة المقبرة القديمة .... تجمدت لم أستطع أن أزيح عيني و رجلي لا تسعفني على الحركة و في عقلي سؤال واحد " هل هو شبح ؟! " أغمضت عيني ألملم شتات نفسي المرتعبة و أخذت نفسا عميقا كأنه الاخير في حياتي ثم بدءت أفتح عيني ببطئ لأرى الثقب من جديد و لكن لم أجدها " لقد أختفت " حملت نفسي إلى الباب فتحتة بخفة حذرة دفعت نفسي إلى الخارج حتى غمرني المطر ألتفت يمينا و يسارا حتى لمحتها و هي ترتدي ثوب الحداد القصير تحت شجرة الخوخ العملاقة عند أطراف المقبرة القديمة ... أبتلعت أنفاسي و تحركت في اتجاهها كان كل ما يدور في خاطري " يجب أن أنهي خوفي منها و يجب أن أنهي تلك الأصوات " تقدمت أكثر بخطوات ثقيلة حتى أصبحت خلفها تفصلني خطوة أو أقل ناديتها بصوت متردد " من أنتي " إلتفت إلي و قد شلتني الصدمة " من المستحيل أن تكوني حقيقة .. كيف تكوني أنا .. سحقا هل هذا حلم " تقدمت إلي بسرعة فائقة لتدخل جسدي و أغرق أنا في الظلام ألامتناهي لا أذكر مما حدث بعدها إلا بعض كلمات قالتها .............
جثمان صفحتي الأولى
بلون البياض المحزن
رائحة الموتى على تلك التلال
بعد عاصفة مطر و رعد
و تدلي الهلال تحت شجرة خوخ
قدري كتب بحبر (ن) أسود
على صفحات دمي الأحمر.