أن تعيش في مدينة تقع وسط الضفة الغربية، تعد من أكبر المراكز الاقتصادية في فلسطين، إن لم يكن أكبرها، ومقراً للمؤسسات السياسية والدوائر الرسمية، فهذا يعني أنك في مدينة رام الله، المدينة التي يرتفع فيها مؤشر الأسعار بدرجات كبيرة مقارنة مع غيرها من المناطق الفلسطينية.
وتعالت شكاوى سكان المدينة من ارتفاع الأسعار فيها مقارنة مع المحافظات الأخرى، إذ ارتفعت الأسعار بصورة غير معقولة كما يقول الأهالي، إذ إن الفارق في الأسعار بين ومدينة رام الله وباقي المدن الأخرى تراوح في عام 2016 بين 20 و22% بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني.
وهذا الارتفاع لا يقتصر على بضائع وسلع دون أخرى، بل أصبح ظاهرة عامة ترافقت مع تفاوت أسعار نفس هذه السلع والبضائع في المحافظات الأخرى، دون وجود أي تبرير "مقبول" لهذا التفاوت والارتفاع.
ويتزامن الارتفاع عادةً مع فترة التحضيرات للمدارس والأعياد والتجهيز لها، لتثقل على كاهل المواطن، الذي يحاول بكل ما يستطيع التوفيق بين الاثنين براتب ثابت لا يتغير ولا يرتفع.
الفرق واضح على جيب المواطن
يقول المواطن أبوعلي، وهو موظف في الحكومة: "مع كل مناسبة ترتفع الأسعار في رام الله وبصورة غير معقولة، الملابس والأحذية ومستلزمات العيد والمدارس، دون أي رقيب أو حسيب من قبل الجهات الرسمية".
أبو علي من مدينة نابلس انتقل وعائلته للعيش في رام الله بعد حصوله على الوظيفة، ورغم أن هذا الانتقال وفر له وظيفة ودخلاً إلا أنه لا يشعر بقيمته جراء غلاء الأسعار في رام الله، مقارنة مع مدينته الأم نابلس.
أبو علي يستغل بعض الإجازات لشراء ما يلزمه من مدينة نابلس، إلا أن هذا الحل لا يكون ممكناً دائماً، وهذا ما يجعله ينفق الكثير من دخله على المشتريات، وتابع: "في رام الله كل شيء أغلى من مناطق أخرى في الضفة، الأسعار تشعرك أنك في بلد أوروبي، رغم أن قيمة الرواتب واحدة ولا اختلاف فيها في كل الضفة".
ويقول: "نفس البضاعة والسلع نشتريها من نابلس وجنين بأقل من هنا بكثير، أحيانًا يصل الفرق في السلع الأساسية إلى 20 شيكلاً، فضلاً عن الغلاء غير المحدود في أسعار الملابس والأحذية".
أما أبو يوسف من محافظة طولكرم، والذي يعمل في مدينة رام الله منذ أعوام، فقال: إن أسعار حفاضات الأطفال "البامبرز"، تختلف بشكل جوهري بين مسقط رأسه ومكان عمله، وأشار إلى أن سعر الكيس الواحد في طولكرم 52 شيكلاً، بينما يرتفع إلى 57 شيكلاً في رام الله، وأضاف "لا يستطيع أي مواطن متزوج أن يستغني عن البامبرز لأطفاله، بشكل يومي، لذلك أقوم بشراء كميات بالجملة من طولكرم لتوفير أكثر من 100 شيكل شهرياً، رغم أن وكيل البامبرز هو نفسه في رام الله أو أي مكان آخر بالضفة"، وأضاف أبو يوسف، أن سعر علبة حليب الأطفال، 28 شيكلاً، وفي صيدلية أخرى كان السعر أيضاً 28، وعند عودتنا إلى رام الله، فوجئنا أن نفس العلبة تباع بـ 34 شيكلاً!
لامبرر للغلاء
هذا الغلاء والذي بات لا يخفى على أحد، ترفض الجهات الرسمية ممثله في وزارة الاقتصاد الوطني التدخل للحد منه، معلله ذلك بسياسية "الاقتصاد الحر للسوق" الذي تتبعها الحكومة، فيما يبرره التجار والباعة بغلاء التكلفة الإيجارات والماء والكهرباء في رام الله.
أكد رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية "لدنيا الوطن" على أن هذه المبررات غير مقبولة، وخاصة أن معظم الإيجارات للمحال التجارية في محافظتي رام الله و البيرة قديمة أي قبل العام 1967.
ويتابع هنية "إذا كانت معظم المحال التجارية إيجاراتها السنوية لا تتعدى المائة دينار أردني، فكيف يمكن أن نقبل هذا الغلاء للتكاليف".
وأضاف هنية إن مطالبات عديدة من قبل الجمعية للحكومة لوضع حد لهذا الغلاء وتحديد الأسعار والرقابة عليها، إلا أن الحكومة تصر على عدم التدخل بحجة "سياسات السوق الحر" الذي تتبعه.
وتابع هنية، الحكومة تبرر عدم التدخل بأنها لا تتدخل بسياسات السوق وهذا أيضًا غير مقبول لدينا فنحن لم نصل لمستوى دولة مستقلة ومستقرة لكي يحول الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد سوق".
وأشار هنية إلى أن سبب هذا الغلاء سياسي بالدرجة الأولى "نحن نعتقد أن السبب الخفي لهذا الارتفاع هو اعتبار رام الله العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية ومركز عمل مؤسسات ووزارات السلطة، ومؤسسات القطاع الخاص".
واستهجن هنية السكوت على هذا الوضع من الحكومة، حيث إن مستوى الدخول في رام الله لا يختلف عن باقي المحافظات الفلسطينية، ورواتب الموظفين في الحكومة والمؤسسات الأهلية و الخاصة موحدة.
ومن جهته، أكد مدير دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد إبراهيم القاضي لـ "دنيا الوطن" أن وظيفة دائرة حماية المستهلك في الوزارة هي إشهار الأسعار وليس تحديدها، وما يتم تحديد أسعاره فقط هو السلع الأساسية.وأشار القاضي إلى تذرع التجار بارتفاع أجور المحال في المدينة، وبالتالي ينعكس ذلك على أسعار السلع .