رجل قارب الخمسين من عمره يتمتع بكياسة ووقار, يحرص على ان لا تهتز صورته بين الناس . لذلك فان تصرفاته وعلاقاته كانت ضمن حدود , مع انه يعيش فراغا في نفسه قد يكون لانه قضى شبابه مع امراة لاتعرف قيمة مايحمل من افكار فهو يكتب ويرسم ويلقي شعرا ويمارس الرياضة فترجم تطلعاته الى كتابات يحاول ان تكون في متناول كل من يقرأ لكن هذا الطموح كان يصطدم بحاجز الزوجة الامية التي لاتعير اهمية لافكاره ,ولاتشجعه او تشد من ازره . وتعتبر مايقوم به لم يكن الا مضيعة للوقت ونوع من انواع البطر . وهذا رأي جدتها الذي ورثته هي عنها . ورغم ذلك لم تحبط من عزيمته فبقي يمارس كل هواياته لكن بحدود . ورغم ذلك فانه لايؤنبها او يلومها وكل مايفعله هو توجيه بعض النصائح لها بلطف رغم انها لاتعرف ولاتعي مايقول ..لم يتخلى عنها رغم تحريض الجميع على ان يتخذ موقفا منها ... فيرد هذا لايمكن . وهذا ليس ضعفا منه بل كان يضع بنظر الاعتبار انه من اختارها ولابد ان يحترم هذا الاختيار .ماذنبها هي ؟ انا من اخترتها وهي قبلت بي .هكذا يرد . وبقي يحترم زوجته ويرعاها رغم محدودية تفكيرها والمرض الذي الم بها كثيرا ولم يبخل عنها بشيء . صادف الكثير من النساء في حياته لكنه لم يضعف امام احداهن .. صمد ولم يهتز ....كان يهرب الى الكتابة لينسى . وشاء القدر ان يدخل الى مكان لم يدخله سابقا ويتوجب عليه التواجد في هذا المكان يوميا . عندما دخل اول يوم شاهد صبية من بين الموجودين . شعر بشيء غريب . اهتز كيانه . دقات قلبه تسارعت ..ماهذا؟؟ من هذه ؟ اعتبر الموضوع عابرا .لكنه لم يهمله لانه لم يشعر بهكذا شعور منذ زمن بعيد . كان يعتقد بان هذه المشاعر ماتت في اعماقه واندثرت .. كل يوم كان يدخل الى المكان الجديد ينظر اليها دون سواها ..كان يسال نفسه عنها وتجيبه نفسه بانها ظبية رشيقة . انها رقيقة كجناح فراشة . انها نسمة هواء باردة في صيف لاهب تريح كل نفس تمر عليها .. ويجيب نفسه حقيقة هي هكذا بل اكثر من ذلك .. ويسال نفسه مرة اخرى ..هل يراها غيري هكذا ؟؟ تجيبه نفسه .. قد لايراها غيرك هكذا ..بل انت من يرى حقيقة جمالها .اليس انت القائل اوالذي تؤمن بمقولة ضمنتها لبعض كتاباتك ..ان النساء كمزرعة ورود لكل واحدة لون وشكل وعطر .فهذه الوردة تعجبك انت وهذا ذوقك . ويرد على نفسه صحيح والله انها وردة برية عطرها فواح وشكلها جميل . ويقول انها وردة برية لان الوردة البرية لايراها الكثيرون ولايشم عطرها الا المسافر الذي يقطع البرية ويمر بالقرب منها وتستهويه الزهور . ليس كزهرة الحديقة تحدق بها العيون ويشمها الكثير من الناس وقد يقطفها حتى طفل صغير لايعرف قيمتها .. كان يشده صوتها عندما تتحدث ينصت اليها بامعان . كلماتها تخرج كانها الحان موسيقية يعزفها موسيقار محترف ..كل يوم تبتسم عندما يلقي التحية .. ابتسامتها تدخل قلبه بيسر كانها ينبوع ماء عذب يجري بانسيابية بين الحقول ليروي كل ارض يمر بها ..صار ينتظر كل يوم ليرى تلك الابتسامة الرقيقة ..لانها صارت مصدر سعده ويعتبرها فأل حسن ليكون يومه سعيدا .. صار يتفائل بابتسماتها تلك .يريد ان يصفها في كتاباته لكنه يعجز لان كلماته تتعثر وجملة تتساقط امام رقتها . ويترك القلم لانه يعتقد بانه مهما اوتي من بلاغة ولو استحضر كل قواميس الكلام الجميل فانه لايفيها حقها .. هكذا كان يفكر .وفي يوم دخل ككل يوم لكنه لم ير تلك الابتسامة التي تقطر عسلا ولا تلك التحية التي تجعل الدماء تتحرك في عروقه بعد ان جمدتها احداث حياته الماضية. لايعرف ما السبب . ازدحمت في راسه افكار سلبية وايجابية كثيرة لايعرف أي فكرة هي الحقيقة وهو في خضم هذه الافكارحدث نفسه مرة اخرى فهو عادة ما يلجأ للحديث مع نفسه لانها حافظ اسراره ولايحدث سواها او يشكو لغيرها في أي امر او ظرف يمر به . سال نفسه عن السبب ؟ اجابته نفسه ياعزيزي هناك بون شاسع بينك وبينها هي صبية في ربيع العمر وانت اقتربت من الخريف . لها احلامها التي تختلف عن احلامك . سال نفسة مرة اخرى ومااشعر به اين مكانه ؟؟ اجابته نفسه انت تحلم ..لان هذا شعورك انت وهي غير مسؤولة عنه ..صمت لحظة لايعرف مايقول شعر بان تفكيره مصاب بالشلل وتلعثم لسانه .فردت عليه نفسه رغم انك كنت تتمنى أن يكون هذا الحلم حقيقة ..لكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه ..حينها استدرك الموقف و قال لنفسه ... نعم انه حلم . قد لايفارقني طويلا.. فهو الاغلى في حياتي لانه حلم جميل . واتمنى لها كل الخير والسعادة في الطريق الذي تختاره .. ولابد ان اكون لها عونا او سندا أن احتاجت ذلك .وبقي يراقبها عن بعد وهي كالنحلة الجميلة تتنقل بين الزهور لتمتص رحيقها وتنتج شهدا نقيا .ويردد في سره هنيئا لمن تكون قارورة العسل هذه من نصيبه .وبقي يعيش مع حلمه الجـــــــــــــــــــــــــميل .ولايعرف ماتخبأ له الايام ..هل يتحقق هذا الحلم ؟ هل يستفيق منه ؟ لكن بكل الاحوال صارت هي مصدر الهام له ليبدع ويكتب .ويتشبث بالحياة ..