كاتت زرافة جميلة،طويلة،ورشيقة،تركض هنا وهناك لتسرح ،وتمرح،وتلهو،وتلعب ولا تتعب
حذرتها والدتها مرارا وتكرارا،فقالت لها:أيا بنية!
أعلم بأنك تحبين اللعب كثيرا بل تعشقينه،ولكن! حذاري من أن تبتعدي كثيرا،فأنت تعلمين
بأن هذا المكان مليء بالوحوش،وأنت لوحدك لن تستطيع الدفاع عن نفسك.
قالت الزرافة :أنا يا أمي قد أصبحت كبيرة الآن ،وأستطيع الدفاع عن نفسي بكل سهولة،و
غير هذا بكل تأكيد سوف يتم حمايتي من قبل باقي القطيع إذا تعرضت للخطر لا قدر الله.
قالت الأم:خذي حذرك ياصغيرتي.
تابعت الزرافة اللعب وبسبب اللهو تجاهلت نصيحة أمها لها،وابتعدت دون شعور منها حتى
زاد البعد أكثر فأكثر،وإذا بها تنتبه بأنها قد ابتعدت كثيرا عن القطيع ،وأرادت العودة
ولكنها لا تعرف طريق العودة،فانتبها الخوف والقلق،وأخذت أقدامها الأربعةترتجف،و
خاصة بأن الشمس بدأت بالمغيب،وأقبل الظلام ليطبق على المكان،فازداد الخوف بداخلها
وفجأة تستمع لصوت زئير من بعيد،فعلمت بأنه صوت الأسد،ركضت للهرب منه ولكن
تفاجأت بقطيع من اللبؤات والأسود،يحاصرونها من كل جنب،دمعت عيناها وندمت كثيرا
لأنها لم تستمع لنصيحة والدتها،وكيف ستدافع عن نفسها أمام هذا القطيع الكبير؟
فلو كانت بصحبة أهلها وجميع قطيعها،لكانوا قد تولوا حمايتها،استجمعت شجاعتها
وقررت القتال،قفز عليها أحد الأسود فركلته في وجهه،فاستغل الأسد الآخر انشغالها
بقتال صديقه فقفز عليها فركلته ولم يفلح،وبينما هي تقاتل الاثنان معا،تفاجأت بهجوم
مزدوج من لبؤتين، فضعفت ولم تستطع المقاومة فسقطت،فهجموا عليها جميعا هجمة
رجل واحد فقتلوها وأكلوا من لحمها،وبعد أن شبعوا وغادروا انقضت الجوارح على مابقي
من لحمها لتأكل ،وأيضا الضباع،والذباب،وبعد أيام ظهرت الديدان بداخلها،وعادت الأسود
لتمنع الضباع والطيور الجارحة من أكل لحمها،وأصبح الجميع يتنازعون فيما بينهم لأجل
لحمها،نعم!لقد راحت ضحية في أيدي قطيع من الوحوش لا يرحمون،لأنها لم تستمع
لنصيحة والدتها.