مصيدة الفئران
كان هناك فأر صغير يعيش سعيداً في مزرعة كبيرة و كان صاحب المزرعة يحتفظ في حظيرته بدجاجة سمينه و خروف كبير و بقرة ضخمة ، و كل هؤلاء كانوا يعيشون في الحظيرة داخل المزرعة و كانت خدمتهم من نصيب زوجة صاحب المزرعة .
و كان هذا الفأر مشاغباً ، يحب أن يدخل بيت المزارع و يأكل منه على الرغم من أن المزرعة فيها كل ما يحتاجة من طعام و شراب و خشب و كل الألعاب التي يحلم بها أي فأر .
و في يوم من الأيام خرج المزارع غضباناً على غير عادة صباحاً و خصوصاً بعدما رأى منظر مطبخ البيت هو و زوجته و كيف أن الفأر قد عاث فيه فساداً . و هنا نظر الفأر من مكان بعيد ليرى رد فعل المزارع الغضبان ، و فوجئ به يخرج من المزرعة مسرعاً و كأنه قد انتوى شيئاً مريعاً .
ثار الخوف و القلق بقلب الفأر و انتظر عودة المزارع على أحر من الجمر ليعلم بماذا يخطط هذا المزارع ، و عند غروب الشمس دخل المزارع من باب المزرعة و هو يحمل في يديه لفافه كبيرة يخبئ بها شيئاً …
خاف الفأر و ظل يتابع المزارع من بعيد حتى فوجئ بهول الفاجعة …
إنها مصيدة فئران ..
هنا هم الفأر بالهرب و قد خاف قلبه و ارتعدت مفاصله ، و لكنه أسرع و ذهب للدجاجة و قال لها بصوت مرتعد : أيتها الدجاجة إنتبهي !!
فقد اشترى المزارع شيئاً يجب أن نحتاط منه جميعاً .
قالت الدجاجة : خائفة ، و ما هو أيها الفأر ؟
قال لها الفأر : إنها مصيدة فئران ؟
ابتسمت الدجاجة : و قالت أيها الفأر ، إنها نكته طريفة ..
قال لها الفأر مؤكداً : أيتها الدجاجة إنها مصيدة فئران ، يجب أن نحتاط منها ، نخاف منها .
قالت الدجاجة بصوت عالي : أيها الفأر ، إنها مصيدة فئران و أنا دجاجة و الدجاجة لا تخاف من مصيدة الفئران .
و الأن دعني .
تركها الفأر غاضباً و ذهب إلى الخروف و قال : أيها الخروف قد اشترى المزارع شيئاً يجب أن نحتاط منه .
قال الخروف خائفاً : و ما هو أيها الفأر ؟
قال الفأر : إنها مصيدة للفئران !!
قال الخروف : أيها الفأر ، ألا ترى أنني أكبر من أن أخاف من مصيدة الفئران .
تعجب الفأر من رد الخروف و قال له بصوت عال : أيها الخروف إنها مصيدة فئران .
هنا نهره الخروف ، و أمره بالإنصراف مسرعاً قبل أن يفعل شيئاً قد يضره ، أي الفأر .
تركه الفأر متعجباً و ذهب إلى البقرة و قال لها : أيتها البقرة ، قد اشترى المزارع شيئاً يجب أن نحتاط منه .
قالت البقرة و هي قلقة : و ما هو أيها الفأر ؟
قال الفأر : إنها مصيدة للفئران .
قالت البقرة : إنصرف بعيداً أيها الفأر ، فأنا لا أخاف من مصيدة الفئران .
انصرف الفأر مذهولاً من الدجاجة و الخروف و البقرة و هو يقول داخل نفسه ، كيف لا يخافون من مصيدة الفئران ؟
و عقد الفأر العزم على أن لا يقترب من مكان المصيدة حتى و لو مات من الجوع ، و هنا ظل الفأر يترقب المزارع حتى رأه يخرج و بيده المصيدة ثم تابعه بنظراته حتى علم مكان المصيده
و مرت الأيام يوماً تلو يوم .. حتى حدثت المفاجأه ..
سمع كل من بالمزرعة صوت المصيده و هي تغلق بابها و كان صوتها عالياً و مرعباً .
و فرع المزارع و قال لزوجته ، أمسكنا بالفأر ، و خرجت الزوجة مسرعة و كان الليل قد دخل و أظلم المكان كله ، و دخلت الزوجة الحظيرة لتبحث عن المصيدة ، حتى وجدتها و ما أن اقتربت منها حتى صرخت بصرخة مدوية ، و قالت : آآآآآآآآآآآآآه
أسرع الزوج خارجاً من البيت لينجد زوجته و ليرى ما الذي حدث ، و عندما وصل إليها وجدها ملقاه على الأرض و المصيدة بجانبها و قد أمسكت بثعبان كبير ، وعلم منها أن الثعبان قد لدغها بقوة
إنقض المزارع ساعتها على الثعبان فقتله ، ثم حمل زوجته إلى داخل الدار و أسرع لإحضار الطبيب .
جاء المزارع معه الطبيب بسرعة ، و كانت الزوجة بحالة صحية متدهورة .
أعطاها الطبيب الدواء و نصح زوجها أن يعطيها من الغذاء ألوان ، و أوصاه بحساء الدجاج ، ثم انصرف الطبيب .
اسرع المزارع إلى الحظيرة ، بحثاً عن الدجاجة حتى وجدها فذبحها و قدم لزوجته لحمها و حسائها حتى تتغذى عليهما ، أكلت الزوجة ما تستطيعه ثم نامت من ليلتها و بجوارها زوجها ، و عندما أصبح الصباح كانت الزوجة قد ماتت ..
و حزن المزارع على وفاة زوجته و قام بإبلاغ أهل قريته بما فيهم أهله و أهل زوجته ، و بعد الدفن حضر أهله و أهل زوجته لمواساته و أراد المزارع أن يقدم واجب الضيافه لهم ، فدخل المزرعة و أحضر الخروف فذبحه و قدمه طعاماً لضيوفه .
مرت الليله الأولى على الزوج وحيداً في داره و في اليوم التالي حضر لتعزيته أهل القرى المجاورة لقريته ، فما كان منه إلا أن دخل للحظيرة و أخرج البقرة فذبحها ليقوم بواجب الضيافة لهم
و بعد إنتهاء أيام العزاء نظر المزارع إلى الحظيرة فوجدها قد أصبحت خاليه من كل شئ ، فعقد العزم على ترك المزرعة بما فيها ، فأخذ حاجياته و ترك المزرعه و عندها خرج الفأر من جحره و هو يقول : كان يجب على الجميع أن يخافوا من مصيدة الفئران !!
. ثم فكر في أمر من يحسبون انهم بعيدون عن المصيدة وأن
"الشر بره وبعيد"
فلا يستشعرون الخطر بل يستخفون بمخاوف الفأر
الذي يعرف بالغريزة والتجربة أن ضحايا المصيدة
قد يكونون أكثر مما تتصورون