إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَلفي جَحِيمٍ
(الجنة دار الأبرار)
دار الأبرار في ضوء القرآن الكريم
ا عشاق دار السلام، دار الأبرار، هل تسمحون لي أن أعرض أمامكم شاشتين تشاهدون أنفسكم، فمن وجد نفسه ظهر على الشاشة البيضاء النورانية القرآنية حمد الله وبكى، ومن لم يجد نفسه في تلك الشاشة الأولى ولا الثانية، فليعلم أنه ما هو بالمؤمن، فليطلب الإيمان.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الأنفال:2]، أي: بحق وصدق: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4]، أي: في دار الأبرار.
معاشر الأبناء! هل وجدتم أنفسكم في هذه الشاشة؟ وأخرى يقول تعالى في بيان المؤمن الحق والمؤمن بحق: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [التوبة:71]، معشر الأبناء! شاهدتم إخواننا، شاهدتم أنفسنا؟
من وجد نفسه في هذه الشاشة أو التي قبلها فليحمد الله.
آخذ من هذه الشاشة كلمة ومن الأخرى كلمة لأوقظ النائمين، ما معنى: إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ؟ العبد قائم على معصية الله، خاتم ذهب في أصبعه، دينار حرام في جيبه، معصية ظاهرة في وجهه، يحلق لحيته وشاربه، سيجارة منتنة عفنة يحرق بها وجوه الملائكة الكرام، ويخبث بها لسانه وفمه ونفسه، يخبث بها مجرى ذكر الله، فتقول له: يا أخي! لا ينبغي هذا، لو تترك هذا، فإن كان فيه إيمان فسوف يجل قلبه وتضطرب نفسه، ويقول: أستغفر الله، أتوب إلى الله، وإن كان ناقص الإيمان؛ يرفع كتفيه، ويخرج لسانه، ويسخر ممن قال له:
اتق الله؛ لأن الإيمان لو وجد فإنه يتحكم في سلوك صاحبه.
والكلمة من الشاشة الثانية اسمعوها: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ، المؤمن ولي، المؤمن سواء كان عربياً أو عجمياً، شريفاً أو وضيعاً، غنياً أو فقيراً، عالماً أو جاهلاً، في الأولين أو الآخرين، لابد من أن يكون ولياً، وهذا الولاء يتحقق بشيئين: الحب والنصرة، فالذي لا يحب المؤمنين ليس بمؤمن، كاذب لو ادعى الإيمان، والذي يهزم المؤمنين ويقف مع عدوهم ينصره والله ما هو بمؤمن، الولاء لابد منه، وإلا لا إيمان، فالذي يدعي الإيمان ويمزق أعراض المؤمنين ويفجر بنسائهم وبناتهم ويفسد عليهم أحوالهم، ويغتاب وينم،
ويضحك ويسخر، يتعرض لهم طول حياته بالأذى، هذا ليس بمؤمن.
للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )