غريب في حيينا .
في حيينا ناس وجوههم صامتة ... وجوه تدل على حزن غامض ,’,, وجوه تجمعت غبرة الزمان عليها حتى سودتها ,,,
كنت أراها ولا أعرفها... فقط أسمع صمتها المدقع ... وأشاهد المها ,,,
ومن بين تلك الوجوه برز وجه أعرفه ,,, لمحني صدفة في معترض طريقي ,,, تجمدت عيناه لرؤياي ...
فانهدر صوته عتيقا كجدارن الحي المهترئة
- يا ألهي ...أنت ؟؟؟ أنت هنا ؟؟؟؟
كهدوء المكان جاوبته : نعم ... هنا ...
- منذ زمن بعيد لم تأت إلى الحي... ولكنك الان ... أصبحت غريبا ,.,,
-قاطعته متجهما : ولكني ابن الحي ,,,
- كنت ابن الحي ... فبعد أن نشفت عروقه ,,, وتوقف نبض شارعه ... وتألم أهله ,,, ودخلت أزقته غرفة الانعاش
وانتظر ناسه أن يتحسن وضعه لحظة بلحظة ,,, ليتفاجئوا جميعا ويعلن بعد انتظار طويل وفاته ,,,وبكت النساء ثكلى لفقدانه
وحمل نعشه على أكتاف عجائزه وأطفاله
ودفناه في ترابه مضرجا بدماء كثيرة ,,, وفي قبور كثيرة
بعد كل هذا ولدنا جميعا في حي جديد ليس ذاك الذي تعرفه
,, والذي ولدت فيه ,,, ولم يبقى من الوجوه الضاحكة المستبشره عند ولادتك أحدا ,,,
تغيرت وجوه أهل الحي وتلونت
حتى أنا يا بني ,,, تغير وجهي ,,,
فارحل من حيث أتيت ,,,
فأنت غريب هنا ...
تلعثمت الكلمات في فمي ... ولم أستطع الرد
فخانتني لغتي ,,, وانعقد لساني ,,, وعلمت أن من يشاهد الالم ليس كالذي في الفراش يذقه
وعلمت أنني أصبحت بعيدا ,,, وعلمت أنني
غريب في حيينا