مثلمها مثل كثير من الناس،تزوجا زواجا تقليديا،حيث
رأت( أم عامر)( مهاد )في إحدى المناسبات،وسألت
عنها فأخبروها بأن اسمها مهاد،وهي فتاة طيفة ابوها
يعمل طبيبا جراحا،وبعدها شعرت بأنها الفتاة المناسبة
لابنها(عامر)،وأول قرار اتخذته هو محاولة اقناعه
بأن يأخذها ولا يضيعها من يديه،ذهبت بعد انتهاء
المناسبة إلى البيت بلهفة،صعدت إلى فوق وطرقت
على باب غرفة عامر وهي تنادي:عامر عامر!!
افتح الباب أريدك في موضوع ضروري جدا جدا.
نهض عامر من السرير ونفسه ضائقة جدا،وكأن أمرا
ما يجول في خاطره جعله منعزلا عن كل شيء،وفتح
لأمه الباب.
قالت له:عامر أظن بأنك تفكر في الزواج،فأنت تعمل في
عمل مرموق،ولديك بيتا من أجمل البيوت،وأنت ابني
المهذب،لا أظن بأنه ينقصك شيء.
تهلل وجه عامر بالفرح،وكاد أن يبوح لها بما يضايقه
ولكنها سرعان ماسبقته وأخبرته بأنها قد اختارت مهاد
زوجة له،فقال لها :من مهاد تلك.
فأخبرته بأنها رأتها في المناسبة،وسرت كثيرا عندما
ارتاح قلبها لها ورشحتها من فورها له.
هنا انقلب وجه عامر،وكأنه رأى حربا ضروسا اشتعلت
أمامه،ومن فوره ومن دون شعور منه قال:ولكني يا
أمي لا أفكر في الزواج الآن،ولا أريد مهاد هذه أيا كانت.
وبدأت أمه تلح عليه وهو يعترض،حتى تعالت الأصوات
وازداد غضب أم عامر منه وبدأت بتهديده ،إن لم يختر
مهاد فلن تحادثه مرة أخرى،ولا زالت به حتى وافق
منكسرا ومجبورا.
تقدم عامر لخطبتها مع والدته،وعندما رآها شعر بالضيق
الشديد ،بينما هي كانت تشعر بالسعادة،تمت الموافقة
وتمت الخطبة ومن ثم الزواج من بعدها بعدة أشهر
سريعا،كانت أول أيامهما وكأنهما في عزاء،فعامر لا
يطيق النظر إلى وجه زوجته مهاد مطلقا،دائم العبوس
قليل الأكل،كثير السرحان،وعاشق للعزلة،حاولت مرارا
وتكرارا أن تتودد إليه ،وتشعره بحبها وحنانها،ولتكسب
على الأقل بعض الحديث معه من طرفه،ولكن دونما أي
فائدة،مر الشهر الأول،والثاني،والثالث،ولا زال الوضع
كما هو عليه،ملل يتلوه الملل،إلى أن خرج كل شيء عن
السيطرة،وفقدت مهاد صبرها،واختصرت عليه كل
الكلام الذي يعبر عن ألمها قائلة:اسمع!
إن كنت لا تريدني فطلقني،فأنا حقا لم أعد قادرة على
الاحتمال.
فرد عليها قائلا:صدقيني سأفعل ولكن ليس الآن.
نزل هذا الرد عليها كالصاعقة،تركته وهرعت إلى غرفتها
تبكي بحرقة،وبعدها بنصف ساعة،قررت أن تبدل ثيابها
وتذهب لزيارة أهلها قليلا لعلها تنسى مابها،وبالصدفة
سمعته وهو في الشرفة يتحدث وصوته مخنوق
من شدة الحزن يقول:سامحيني يا حبيبتي،لم أخلف
وعدي لك،صدقيني لقد تزوجتها وأنا مجبور لكي أرضي
أمي فقط،ولكن لقد قتلني الملل منها،وأريد حقا أن
أطلقها ليدوم حبنا ونبقى لبعضنا البعض إلى الأبد،
حينها قررت أن تذهب إلى بيت أهلها هذه المرة بلا عودة.