انحنى على مواقع الأسلاك الكهربائية يفحصها بدقة ليعرف موقع العطب في الثلاجة .
........................
وهي مائلة بجدعها فوق رأسه تكاد تلامسه ، قالت:
أنها وحيدة ..
وأنها تعمل في شركة كبرى بالمدينة..
وبأجر يسيل اللعاب!! ..
وأن لها سيارة آخر موديل..
وأن وقتها لا يسمح بإعداد الأكل الطري لكل يوم ..ولذلك فهي تعد أكلات الأسبوع يوم الأحد .. و ما تخشاه أن تفسد الأطعمة المودعة فيه إذا استمر العطب.. خاصة أنها لا تجد من يقاسمها وصفاتها التي تؤكل أصابع اليد من لذاذتها كما يقال لها بين أصدقائها !!..
وقالت أن ابنها يرسل لها حوالة مالية كبيرة ..
وأنها تحتاج إلى تغيير أثاث البيت بما في ذلك الثلاجة ..
وقالت أن جسمها يوجعها بسبب حصة الرياضة التي ترفقها بحصة التدليك ، والتي تخلفت عنها لغياب المدلكة وأنها تحتاج لحصتها تلك على عجل !! وأردفت وهي تحرق المسافات المتبقية بين رأسه المنحني ورأسها المكب عليه أن الصدقة في المقربين أولى !............
وقالت أن الإنسان لا يكسب من هذه الدنيا الفانية غير ما ضحك وما فوج ! ..
وقالت أن هم الدنيا يبقى فيها ..
وقالت أن " براهش " العائلة المشاغبين أخلوا لها البيت أخيرا وهاجروا مع آبائهم إلى كندا ..و خيرا فعلوا لأنهم كانوا يعتبرون بيتها منتجعا سياحيا على مدار الفصول ..
وقالت أن الجيران يغادرون البيت إلى ضيعتهم بضواحي المدينة كل يوم سبت ..وتبقى العمارة مقفرة ..
ما أضافته من تفاصيل أخرى وبالإسهاب الممل وهي تموء فوق رأسه ، كان مجرد ثرثرة.. ذكرته وهو يضحك في سره من إلحاحها المفضوح بقصة تلك المرأة التي كانت تطل ذات يوم من شرفة بيتها فرأت رجلا يجر خروفا فنادته قائلة :
خفت منك يا هذاك الدايز
فأجابها مستغربا وكيف تخافين مني وأنا بعيد عن شرفتك ؟
قالت : تربط الخروف إلى الشجرة القريبة من الشرفة ، وترتقي الشجرة إلى شرفتي وتدخل إلي بيتي
قال الرجل وهو يفتل شاربيه
ـ هي اللي ما تتعاودش ..حالا وأكون عند ك..
نفس القصة تتكرر داخل بيت امرأة أشبه بالعنكبوت النهم ، ولا داعي لتركها تهرق ريقها في الواضحات المفضحات ..فالأسلاك كلها مكشوفة ، وتحتاج كما قالت هي إلى بقاءه طيلة يوم السبت لإصلاح كل الأعطاب [ على حد قولها ] !!!.. والمعروضة من الخير على حد قولها أيضا !..
لا أظن أن المعروضة من الخير، حين تنكشف كل الأسلاك ، غمغم في نفسه بضيق
ـ حسنا قال الرجل بحسم وبلهجة حانية مزيفة..
سأذهب لأحضر أدوات العمل وأعود بسرعة لأن حديثك لا يمل ، ووحدتك لا تطاق وأعطابك لا حصر لها، وانسل هاربا من صعقة كهربائية أكيدة !