سر السعادة
يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم، فمشى الفتى أربعين يوما حتى وصل إلى قصر جميل على قمة جبل، وفيه يسكن الحكيم الذي يسعى إليه، وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعا كبيرا من الناس، فانتظر الشاب ساعتين ليحين دوره.
أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب، ثم قال له: الوقت لا يتسع الآن، وطلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر، ويعود لمقابلته بعد ساعتين، أضاف الحكيم وهو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتان من الزيت: أمسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك، وحاذر أن ينسكب منها الزيت! أخذ الفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتا عينيه على الملعقة، ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله: هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟ والحديقة الجميلة؟ وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟
ارتبك الفتى واعترف له بأنه لم ير شيئا، فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة، فقال الحكيم: ارجع وتعرف على معالم القصر، فلا يمكنك أن تعتمد على شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه. عاد الفتى ليتجول في القصر منتبها إلى الروائع الفنية المعلقة على الجدران، وشاهد الحديقة والزهور الجميلة، وعندما رجع إلى الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى، فسأله الحكيم: ولكن أين قطرتا الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟ نظر الفتى إلى الملعقة، فلاحظ أنهما قد انسكبتا، فقال له الحكيم: تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك! سر السعادة هو أن ترى روائع الدنيا، وتستمتع بها، وذلك دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت. فهم الفتى مغزى القصة، فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء، وقطرتا الزيت هما الستر والصحة، فهما التوليفة الناجحة ضد التعاسة.