النقوش الخمسة
النقش الأول:
كانت لنا دار قديمة، عليها نقوشُ البيت والمحمَل، وآياتٌ وأشعار حكيمة؛ كـ "ذو العقلِ يَشقى، وأخو الجهل ينعَم".
وأم تُضيء قنديلاً؛ به تُمحى ظلمة الأكحَل، وأخرى تُدير رحاها: غَرسُ أبيكم فاملَؤوا المكتَل، وأشعلوا (الكانون) وجهِّزوا المِرجَل، فحينًا يُطفأ وحينًا يُشعل، لكن نصبر حتى نُطعَم.
النقش الثاني:
أشبالٌ بساحة الدار تَلهو وتلعب؛ فمنَّا مهزومٌ ومنا من يَغلِب؛ ومنا اللصُّ ومنا العسكَر؛ كلٌّ بصلاح يتمثَّل، أو نرتجي الزَّمن الأزهر، لا أحد يَرجو (ريتشارد) أو حتى قيصَر.
النقش الثالث:
آخرون عند سيِّدهم، يُقرئهم الأعلى وسورةَ الكوثر؛ فمنا مَن يتلو ومنا من يسمَع؛ من يتلو يُقرَى، ومن لا، سيُقرع وقد يدمَع، ويُكفكِف الدمعَ حرٌّ ويتجمَّل؛ لكن نتعلَّم ألا نُخطئ.
النقش الرابع:
فلاحٌ عشقُه الحقل؛ فعَيناه ترى القمح تِبرًا، والماءَ لؤلؤًا يَنساب في جدول، وآخرُ لم يدرِك العصر فقام بين الماءِ والأخضَر، وصديقه الأبيض من بَعده يبحث في الأرض عن مأكَل!
النقش الخامس والأخير:
وعروس قد زانَها الهودج، توَّاقةٌ لإلفِها الأجملِ يركب الأبلَج؛ ولما تيقَّظت على قرع الطُّبول أيقنَت أن الشمس قد تَحبو لغَربها الأبعَد، وأن الدنيا قد تَرفُل في ثوبها الأدعَج، كذا رَسمي ونَقشي وعُمري الأول، سيُطوى ويُنسى ويَغرُب!
غير أنَّ طيرًا في الفضا غرَّد:
كانت لنا أشجارٌ عتيقة، تُسقى بماء الورد والعنبر، ما الحبُّ بالدهر إن ولَّى وإن أدبَر؛ فخَلِّ قلوبًا تسَع الديار، وللآهلين دارٌ ومنزل!