كم هو الكم الهائل من التثبيط والكلمات والإيحاءات السلبية التي نسمعها في اليوم والليلة؟ وربما في الساعة الواحدة, فهذا قائل لا تتعب نفسك فغيرك جرب ولم ينجح. وآخر يقول الظروف صعبة والإمكانات لا تسمح, وربما أشدها وطئاً وتأثيراً هي ما يردده الآباء على الأبناء تكراراً ومراراً.
وقد أكَّد ذلك الدكتور تشاد هيلميستر في كتابه (ماذا تقول عندما تحدث نفسك؟) حيث قال: (خلال فترة 18 سنة الأولى من حياتنا يكون قد قيل لنا 148000 مرة كلمة لا أو لا تستطيع أو لا تؤدي ذلك, وفي المقابل خلال نفس الفترة فإن عدد الرسائل الإيجابية قد تتجاوز 400 مرة فقط).
لنوقف هذا الطوفان العرم من الكلمات والتلميحات وحتى النظرات السلبية. فعندما سئل نابليون كيف زرعت الثقة في عقول أفراد جيشك؟ قال: (كنت أرد بثلاث على ثلاث من قال: لا أستطيع قلت: له حاول، ومن قال: لا أعرف قلت له: تعلم، ومن قال: مستحيل قلت له: جرِّب!).
ولنبدأ بأنفسنا ولنتخلَّص من هذه الأفكار السلبية التي حملنها دهراً في خواطرنا وعقولنا, ولا نفتأ نرددها بين جنبينا, فلا تقل رأي غير مسموع, أو لا يمكن أن أغير الواقع, أو لا أستطيع مقاومة التيار. وإياك أن تقول أنا طاقتي محدودة, فطاقة الكهربائية لعقل الإنسان ممكن أن تضيء مصباحاً!.
انظر حولك وتأمل فبيتك الذي تسكنه وسيارتك التي تقودها وهاتفك المحمول والأقمار الصناعية التي تغزو الفضاء, وكل الاختراعات التي حولك كانت بالأمس مجرد فكرة في عقل إنسان, واليوم أصبحت حقيقة أنت تعيشها؛ لأن إنسان بيننا قال بعزم وطموح: (بل أستطيع).
فحاول دائماً أن تشحن نفسك ومن حولك إيجابياً, فالتاريخ يعلمنا أن شيخاً اسمه (آق شمس الدين) كان يسير مع تلميذه بمحاذاة النهر المطل على سور القسطنطينية العنيد ويغرس في روحه وعقله حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش) وكأني أراه يهمس في أذنه أنت ذلك الأمير!. لقد صدقت فراسة الشيخ في ذلك الطفل إنه (محمد الفاتح).
واجعل هدفك من الساعة أن تقول لصديقك أو زوجك أو ابنك أو موظفك: (بل تستطيع). وتذكر ماقاله ابن القيم- رحمه الله-: (لو أن رجلاً وقف أمام جبل وعزم على إزالته لأزاله). فبمثل تلك الروح نبني الأجيال, ونقود الأمم كما كنّا, وسنعود نقودها في المستقبل قريباً -إن شاء الله-.