كان وائل هو الأخ الأوسط بين إخوته،كان المنبوذ من
بينهم في نفس الوقت،لا أحد يحب الاستماع إليه،ولا
أحد يحب الكلام معه أصلا،وكان طموحا جدا
فيحتقرونه ويحتقرون طموحاته،ويرونه أنه
نكرة،وجوده وعدمه سواء،فكان كل هذا سببا رئيسيا
في إدخال وائل في دوامة من الاكتآب الشديد،وفقدان
نكهة الحياة بكل مافيها،استمر على هذه الحال لسنين
طويلة،حتى في يوم من الأيام تعرف على رفيق سوء
قذر الأخلاق،وجمعته الصدفة به،عندما وجد وائل
يجلس وحيدا في إحدى الحدائق شارد الذهن و
الدموع تسيل من عينيه دون شعور منه،وكأنه عالم
آخر غير العالم الذي هو فيه،فجر الفضول رفيق
السوء هذا جرا إلى وائل،وناداه قائلا: أيا هذا!
مابك؟!
هلا أخبرتني؟!.
نظر إليه وائل بطرف عينه ولم يعره أي اهتمام،فأعاد
عليه السؤال مرارا وتكرارا،حتى أجابه وائل قائلا: أنا.
أنا متعب جدا يا صاحبي!
ولا تسألني سؤالا آخر غير هذا،لأني لا أملك لك أي
إجابة سوى أني ضائع وحزين.
شعر حينها صديق السوء بأنه قد وجد ضحية أخرى
يستطيع استغلالها،وإدخالها في دوامة أخرى أكثر عتمة
قال له:تعال معي سأعلمك أشياء تنسيك ما أنت فيه
وتخرجك من هذه الدوامة.
قال وائل:وماذاك؟.
قال صديقه السيء: خذ جرب هذه!.
قال وائل:ماهذه؟!.
قال صديقه السيء:هذه إبرة مخدرة ما أن تحقنها من
خلال يدك،ستشعر بالراحة والسعادة،وستشعر بأنك
في دنيا غير دنياك.
وللأسف استمع وائل لنصيحته،وأصبح يستخدمها
يوميا،وتطور به الحال أنه إذا فقدها في يوم ما،يغضب
ويثور ويدمر كل شيء حوله،وحتى أنه يسرق من
أهله إذا لم يجد المال الكافي لشرائها،ودخل في
مشاكل عديدة مع أهله حتى طردوه نهائيا من المنزل
وأصبح شريدا يعيش في الشوارع وينام فيها،وتعمق
في عالم المخدرات،حتى أصبح وشيكا من أن يصبح
خطرا على المجتمع،وفي يوم من الأيام تمكنت الشرطة
منه وألقت القبض عليه،ورمي في السجن محكوما
عليه بالسجن لمدة عشر سنوات،وفي أول أيامه
في السجن كان يعاني لأنه قد خرج توا من عالم
المخدرات،ومع الأيام كان يتماثل للشفاء تلقائيا،حتى
بعدها كان يشعر بنور غريب يشع من أعماق قلبه،وكأن
هناك صوت مع هذا النور بداخله يناديه ويقول:ألم يأن
لقلبك أن يلين،ولعقلك أن يفيق!.
أنت خلقت لأجل إصلاح هذه الأمة لا لخرابها.
فجأة فاضت عينل وائل بالدموع،شعر بأن الروح
والحياة قد عادتا له،وبأنه يجب أن يقف من جديد،و
فعلا عاد إلى الصلاة ،وعاد إلى الصيام،والتحق في
صفوف حافظي القرآن الكريم،وفي فترة قصيرة
تحسنت أخلاقه وأصبح محبوبا لدى الجميع في
السجن،ووصل به الحال بأن أصبح ذاك الحكيم
الذي يحل مشاكل الجميع،ومابين الوقت والآخر
أصبح لسانه يقطر عسلا من الحكم،وصل حسن سيرته
إلى أرجاء السجن وخارجه،حتى صدر قرارا في العفو
عنه وإخلاء سبيله،ومن هذا المنطلق سطع نجمه أكثر
فأكثر حيث في خلال عامين فقط أصبح من أثرياء
العالم،وساعد بثروته الألوفات من المحتاجين،واكتسح
عالم السياسة وصار سياسيا محنكا،ولديه ابن صالح
مثله،علمه الصلاح وحب الانسانية،وغرس في نفسه
حب الخير للناس والشجاعة،وفي كل ليلة كان يذكره
بالحق الضائع ألا وهو المسجد الأقصى،فمات وائل
وهو يغرس كل هذه الأشياء في ابنه الوحيد،وكان
موته إثر تعرضه لأزمة قلبية حادة،وما إن مات بعدة
سنوات يحقق ابنه الوحيد آخر أمانيه ويسترد الأقصى
بجيش قليل جدا،فكان قد أعادها بقوة الإيمان لا بعدد
الجيش.