لم يكن هذا القرار سهلا، لكنني اتخذته.. ظننت أنني سأتحدى أطفالي.. حتى أدركت أن حربي هذه المرة أكبر من محيط أسرتي.
تم اتخاذ القرار بسحب أجهزة اللوحات الذكية من البيت وإخراجها من المنزل!
انفعالات.. وثورة ضجت ذاك المكان.. الذي كان يشبه منزل عائلة، لكنه الآن ساحة حرب.. رؤوسهم ثائرة.. حركات لا إرادية تطالب إسقاط القرار.
استيقظوا في اليوم التالي على غير العادة.. يتبعثرون في زوايا المنزل.. لعلهم يجدون أي جهاز ذكي آخر.
لكن دون فائدة!
بدأت أصواتهم تعلو بالمنزل.. ضجيج.. وصراخ.. يحاولون اختلاق المشاكل كي أتنازل واستسلم.. وأنا أشعر بنار ورغبة بإسكات أصواتهم الغاضبة.. لم أستسلم.. وتابعت!
بدأت بإحضار ألعاب بسيطة وبعثرت الألوان والأوراق.. تعمدت قضاء وقت على شرفة المنزل.. بانتظارهم اللحاق بي.. لعلهم يحدقون بالعالم الحقيقي!
هناك خلف السجون التي أرغمناهم العيش بها والتقوقع فيها.
لعلهم يدركون حقيقة عالم الوهام الذي زرعه بهم عقول أولئك المبرمجين للألعاب القائمة على تأجيج العنف والتنمر فيهم.
في الأسبوع الأول.. أصابتني نوبات جنون.. منزل تعمّه الفوضى.. ملامحه غير واضحة.
لكنه مضى.. واستسلم أطفالي.
لكن الخطر الأكبر.. كان المحيط بهم.. زملاء الصف.. الذين تعمدوا السخرية منهم ومن قرارات والدتهم.. وبانصياعهم لي.. كأن ما ارتكبوه جريمة!
كم تمنيت لو ساعدتني الأمهات.. واتخذنا قرارنا معًا، قرارًا جماعيًا يحمي أطفالنا.. لكنني اكتفيت بالصمت!
وعادت الثورة.. ليظهر أطفالي أمام أصدقائهم بأنه لا يختلفون عنهم.
وقابلت ذلك بالرفض.. ونوبات البكاء.. باللامبالاة.. لا أنكر أنني كنت على وشك الانهيار.
فأطفالي قد يعتقد البعض أنهم مسالمون لكنهم متمرودن بفطرتهم.
فكان لا بد لي من الانتصار..
ظننت أنه انتصاري.. لكن الحقيقة، انتصرت الطفولة فيهم.
عادت لعبة الغميضة لتطرق باب بيتنا.. وعادت الألوان تزين جدران المنزل.. دون غضب مني، فطالما حلمت بأطفال طبيعين.. أصبحوا يطلبون الطعام أكثر.. ويطلبون الخروج من المنزل.. وعادت الألعاب تفترش أرض الغرف.. وأصبحت أرى بعض تحف المنزل تتكسر من كرة القدم المتمردة في غرفهم، نعم.. أصبحت أبذل مجهودًا مضاعفًا بعمل المنزل لكن بفرح أكثر.
مضت الأسابيع الأولى.. وبدأت خيوط الشمس تتسلل لحياتنا، معلنة بداية جديدة.
كانت حربي معهم قاسية، لكن كانت تستحق المحاولة.