بثينة كانت الزهرة الوحيدة لأب قاس،قبل أن يتزوج
بالزوجة الثانية القاسية،حيث كانت زوجته الأولى
قد توفيت بسبب معاملته القاسية جدا لها،ففي ذلك
الوقت كانت قد بلغت بثينة سن الخامسة من عمرها،و
لا تزال والدتها تعاني من ظلم وقهر والدها،فلا يحل
على والدتها صباح ولا مساء إلا وكانت تتعرض فيه
للضرب ،والسب،والشتم،وحتى القذف،وكان يحرمها من
الخروج من المنزل وحتى زيارة أهلها،فجعلها تعيش في
عالم مظلم ومغلق تماما،مما جعلها تدخل في أزمة
نفسية حادة تسببت في وفاتها،فعاشت الزهرة (بثينة)
وحيدة مع والدها الظالم والمهمل،فلم يكن يكترث لها
بتاتا،وكان أقصى ما يفعله من خير لها كان يدعها تأكل
وتشرب فقط،فلم يكن يبالي بملبسها أو نمت أم لا،حتى
وصل به الأمر بأن كان يمضي اليوم كاملا ولم يكن
يراها فيه إلا حين يحين وقت الغداء أو العشاء،بعدها
تزوج بالثانية والتي لم تكن أقل منه شرا
وعدوانا،وأنجبت له ثلاث بنات وولدان.
منذ دخول الزوجة الثانية حياة بثينة ووالدها زادت
الأمور سوء،حيث أصبحت هي المتحكمة والمسيطرة
على كل شيء وأي شيء،فكانت تسيء معاملة بثينة
كثيرا،لدرجة أنها كانت تضربها وتشتمها وتحرمها من
أبسط حقوقها،ووالد بثينة بكل جبروته وتسلطه خضع
لزوجته الثانية التي هي بدورها لم تكن ترحمه أبدا،و
دائما تنتقده ،وتحطمه بخاصة أنها هي من تعمل
وتصرف على البيت بينما هو عاطل عن عمل منذ أكثر
من سنة،فاهتزت رجولته وسقطت هيبته تماما،ومرت
سنوات على هذه الحال وكبرت بثينة وأصبحت في
نهاية المرحلة الثانوية (ثالث ثانوي)،وكبروا كذلك
إخوتها من أبيها،وخلال هذه المرحلة كانت تعاني بثينة
من تسلط زوجة أبيها،والتي تحاول جاهدة بأن توقيفها
من إكمال مشوار الدراسة،ولم يكن هذا فقط بل حتى
أخواتها وإخوتها من أبيها،كانوا جميعهم قساة
وجميعهم أشرار،لا يحبون الخير لها أبدا،وكان يصل
بها الحال لدرجة أنها كانت تذهب إلى المدرسة بزي
متسخ، وشعر غير مرتب،ووجه شاحب بسبب الحزن
والأسى،تثير حزن وشفقة كل من يراها،بينما يذهب
إخوتها من أبيها وهم بزي مدرسي نظيف وأنيق،وهم
في منتهى السعادة لم يكن ينقصهم أي شيء بتاتا،فات
الأمر عن حده ولم تستطع بثينة الصبر أكثر،فكانت إذا
حل الليل والناس نيام تظل تبكي وتبكي من ظلم زوجة
أبيها وأبنائها فإلى أين المفر؟
فحتى والدها لا يستطيع مساعدتها فقد كان قد فقد
بصره في السنوات الأخيرة،وأصبح هزيل الجسد،وحيدا
كئيبا،مهملا في غرفته لا أحد يراه ولا أحد يعلم عنه
شيئا سوى زوجته العدوانية،التي تدخل عليه الطعام
وتقع فيه سبا،وشتما،وأحيانا تقوم بضربه،وتترك أمامه
الطعام وتخرج،فلم يكن لبثينة أحد سوى الله عز وجل،
فكانت قد بدأت تتقرب منه بصلاتها،وصيامها،وذكرها،و
دعائها،وعندما قوت علاقتها به بدأ النور يدخل إلى
حياتها، بقوة الإيمان كانت قد استعادت نفسها رويدا
رويدا،فتحدت كل المصاعب وفتح الله أمامها أبوابا و
آفاقا ،فتخرجت من الثانوية العامة بمجموع جيد
وتفوق،بعدها كان أمامها أن تتحدى المصاعب وتجد
عملا مناسبا ،لتنفق على دراستها الجامعية،حيث
اختارت أن تدرس القانون،وظلت تبحث عن عمل و
تبحث حتى وجدت عملا في محل لبيع الحلويات،كان
لا يزال محلا صغيرا وجديدا،وتم قبولها وكان راتبها
راتبا لا بأس به أنفقته كله على الدراسة ولبس ملابس
جديدة وأنيقة،فكانت فتاة متدينة،مهذبة،وأنيقة،و
مجتهدة،وطموحة،وبكل هذه الصفات أثارت أستاذ
لديهم في الجامعة،والذي تقدم لخطبتها من أبيها الذي
لا حول له ولا قوة ،ولكنه كان فيه نوعا من التركيز
والقليل من الادراك والذي وافق من فوره،وفجأة شعر
بشعور غريب،هو أنه لأول مرة في حياته يفعل شيئا
صحيحا لأجل ابنته بثينة،حاولت زوجته الثانية إفساد
الأمر على بثينة ولكنها لم تفلح،عندما هددتها بثينة
بأن أي تصرف خاطئ منها قد يجعلها مرمية خلف
القضبان لأشهر طويلة،قالت لها بثينة:أنا لست بثينة
التي كانت تخاف منك سابقا،أنا بثينة بالشخصية
الجديدة والقوية والتي أوجدتها قوة الإيمان،والآن
بعد أن يتم زواجي،سآخذ أبي ليعيش معنا أنا وزوجي
بعيدا عنك وعن أبنائك وبناتك الظالمين مثلك.