يحكى أنه في قديم الزمان كانت هناك أسرة صغيرة تتكون من رجل وامرأة تعيش في بلاد فقيرة ، لم يكن بوسع هذه الأسرة البئيسة توفير قوت يومها
كان لدى هذه الأسرة البسيطة ستة أطفال : ثلاث بنات وثلاث ذكور ، ومع توالي الأيام ومرور الوقت لم يعد بإمكان هذه الأسرة المسكينة ما يكفيها
لتوفير الطعام لأعضائها ، وفي خضم هذه الحالة الميؤوس منها والظروف الصعبة والقاسية قررا الوالدين ترك البنات في الغابة والذهاب للبحث في
أرض الله عن رزقهم ، تركا لكل واحدة منهن قدر ضئيل من الرغيف .
ظلت الفتيات في الغابة يأكلن الرغيف إلى أن جاء مساء أحد الأيام وتغيرت ملامح البيت حيث أصبح يشع منه ضوء مجهول المصدر وقمن بالقرع عليه
حيث خرجت منه امرأة بسيطة الهندام والمنظر حيث سألتهن :
- ماذا تردن أيتها الجميلات ، ما أمركن ؟
قالت البنت الكبرى - نور - التي تعتبر نفسها المسؤولة عن أخواتها في غياب والديها :
- نحن تائهات ، هائمات ، جائعات وخائفات من ذئاب الغابة ، دعينا ندخل ونرتاح قليلا في بيتك وتطعميننا بما يجود به كرمك
قالت المرأة وهي تستغرب من إجابة البنت الكبرى وكأنها لا تصدق ما تسمع :
- لا يمكنني أن أقبل طلبكن ، لا أستطيع تلبية رغبتكن ، زوجي شرير ، وأخاف إن قبلت ورآكن لن يترك الفرصة تضيع من بين يديه ويسجنكن لحاجة في نفسه.
قلن معا دون سابق اتفاق :
- دعينا نرتاح قليلا وسنرحل قبل مجيئه ، كانت هذه رغبة البنات
رقت لحالهن بعد سماع توسل البنات ورأت التعب الذي أخذ منهن كل قواهن ، أشفقت عليهن وأدخلتهن إلى منزلها قصد استعادة بعض طاقتهن قبل عودة زوجها الشرير
أكرمتهن ببعض ما توفر لديها من مأكل ومشرب : خبر وقهوة وشاي وبعض الحلويات البسيطة ، وضعت كل ذلك على المائدة وانصرفت إلى عملها وتركتهن يأكلن بنهم
أثناء ذلك سمعن دقات خفيفة على الباب ، لم يتحركن من مكانهن وتجمدت الزوجة وملامح الخوف بادية على وجهها.
الزوج الشرير : أشم رائحة بني البشر يا زوجتي العزيزة ، افتحي الباب
الزوجة خائفة ومفاصلها ترتعد : إنهن مجرد فتيات صغيرات ، تهن في الغابة وأتيت بهن حتى يرتحن وينصرفن بعد ذلك ، أصابهن البرد والجوع في الغابة ، أرجوك
زوجي العزيز ، لا تؤذيهن ، سيرحلن حالا
لم يتفوه الرجل بكلمة ولم يقل الشرير شيئا ، تظاهر أنه تفهم كلام زوجته وحن لحالهن ، دخل واحتسى كأس شايه وطلبت الزوجة الإذن من زوجها في أخذ البنات
إلى غرف بناتها بعد الموافقة المبدئية على بقاء البنات بالبيت ، وهكذا نمن على سرير ضخم وكبير ، كانت أصغر الأخوات معروفة بذكائها وكانت تسمى - ريما -.
قبل أن ينمن الستة جاء الزوج الشرير الذي كان يضمر لهن كل شرور الدنيا ووضع سلسلة ذهبية حول عنق بناته وسلسلة من حبل حول البنات الأخريات.
كان تصرف الزوج الشرير علامة تعجب في نظر البنت الصغيرة - ريما - أدركت بفطنتها وذكائها أن هذا العمل فيه خطر عليها وعلى أخواتها ، قامت بتغيير السلاسل
الذهبية بأخرى.
في تلك اللحظة ودون تأخير أو تردد أيقظت إخوتها وبدأن يترقبن طلوع خيوط الفجر ، بدأت قمم الجبال والأشجار تظهر للعيان ، طلبت منهن في صمت وبهدوء أن
يستعدن للهروب من هذا البيت ، هذا البيت الذي أصبح يمثل لهن الخطر الكبير ، تمكن من الهرب في خلسة الزوج الشرير ، ومشين كثيرا إلى أن وصلن إلى قصر كبير
تقدمت ريما أخواتها وقالت لهن في هدوء :
- سوف أدخل وحدي إلى اقصر وأحكي الحكاية إلى الملك العادل وأخبره بما جرى لنا مع ذاك الزوج الشرير.
دخلت ريما إلى القصر وأخبرت الملك العظيم بقصتها هي وأخواتها.
قال الملك : لقد فعلت شيئا حسنا ، وكنت ذكية في التعامل مع ذلك الشرير ، ويتوجب عليك إحضار سيف الرجل الشرير وخاتمه الفضي وحينما سأزوجك من ابني الأصغر الذي يليق بك.
وزاد الملك قائلا :
- الآن وقد أحضرت لي سيفه وخاتمه الفضي سوف تفكين لي لغز هذا الشرير.
قالت ريما الذكية :
- إنه كلما وقعت فتيات في ذلك البيت يجمعهن ويسمنهن ويشتري بهن الذهب - كما كان سيكون حالنا - أنا وإخوتي ، كنا سوف نباع ، للإشارة فهذا الشرير وزوجته لا ينجبن أولادا
بل يستغلون أوضاع الفتيات التائهات عن بيوتهن.
وهكذا أمر الملك بالقبض على الرجل الشرير.
تزوجت - ريما - من ابن الملك وانتقلت هي وأخواتها من الفقر المدقع والجوع إلى قصر الملك والعيش المريح والباذخ .