KEEM الإدارة الإشرافية
عدد المساهمات : 207023 تاريخ التسجيل : 10/09/2013
| موضوع: تضحيه ام الإثنين 21 أكتوبر - 11:22 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
مات زوجها وهي في الخامسة والعشرين من عمرها، كانت صبية خجولة فيها من الجمال الشيء الكثير، ولها عينان زادهما لمعاناً فيض الدموع التي أريقت على زوجها الذي توفي وتركها. وترك طفلة لهما في السادسة من عمرها.
مرت الأيام والشهور وبدأ الجرح في الالتئام، وأخذت حياة الزوجة تسير لتصبح طبيعية مع شيء من الحزن والدمع المكتوم، عادت إلى عملها الذي كانت قد انقطعت عنه. أكثر ما كان يقلق الأم ويزعجها هو تكرار سؤال طفلتها عن أبيها. وكانت الأم تُجيبها في كل مرة بأن أباها مسافر وسيعود لاحقاً. صدّقت الطفلة هذه المعلومة في البداية، ولكنها أكثرت من سؤالها لأمها عن موعد عودة الأب، فقالت الأم في أحدى المرات: أنه سيعود بعد شهر من الآن. فرحت الطفلة، وأخذت تعد الأيام يوماً بعد يوم وهي تُمني نفسها برؤية أبيها واحتضانه. مرت الثلاثون يوماً ولكن لم يعد الأب، وعندها سألت الطفلة أمها باكية: أنقضى الشهر ولم يعد أبي، أين هو؟ أخفت الأم دموعها، وقالت: لقد أنشغل قليلاً، لكنه سيعود الشهر القادم. كفكفت الطفلة دموعها،وقالت لأمها: عندما يعود أبي سأعاتبه على تأخره. كتمت الأم دموعاً أقسى وأعمق، وهي تربت على كتف أبنتها وتضمها إلى صدرها: سامحيه من أجلي يا حبيبتي. ورفعت الأم عينيها إلى السماء تدعوا الله بأن ينزل سكينته على قلب طفلتها عندما تعلم بخبر أبيها.
مرت الأيام، ولم يعد الزوج، وعرفت الطفلة بأن أباها لن يعود، ونما النسيان في قلب الزوجة والأقارب، ولكن بقيت ذكرى الأب في قلب الطفلة الصغيرة، حتى أنها إذا رأت أي رجل من الأقارب في المنزل كانت تبكي وتنتحب حتى يخرج.
بدأ أقارب الزوجة يحاولون إقناعها بالزواج نظراً لصغر سنها، ولأن هناك العديد من الرجال الذين تقدموا لخطبتها، وأن هذه هي شريعة الله. رفضت الأم هذه الفكرة لفترة طويلة، ولكنها ما لبثت أن بدأت تبدل موقفها، ثم وافقت من حيث المبدأ.
أحست الطفلة بغريزتها وقلبها ووفائها بأن شيئاً سيحدث في بيتهم، وإن رجلاً قد يحل مكان أبيها، فتكونت بداخلها رغبة قوية في أن تحتفظ بأمها لها وحدها، وأن تمنع كل من يقترب من أمها.
كبُرت الطفلة قليلاً وأحست بنية أهل أمها بتزويجها، فسألت أمها: لماذا تريدين أن تتزوجي ، وتتركينني رغم أني أُحبك؟ نفت الأم رغبتها بالزواج، وقالت وهي في حيرة من أمرها لطفلتها: أنتِ دنياي. عندها استردت الطفلة طمأنينتها، وألقت برأسها على صدر أمها، ونامت بينما كانت دموع الأم تتساقط. . .
أزداد إصرار الأقارب والصديقات لتزويج الأم وخاصة وأنها في عز شبابها، وأقنعوها بأن أبنتها ستتعود الوضع الجديد، وستحب الزوج القادم. في ذلك الوقت جاء خاطب جديد، ارتاحت له الأم، وتمنت لو أنها تتزوجه خاصة وأنها شعرت ببعض الميل نحوه. حاولت الأم بشتى الطرق أن تسترضي أبنتها، ولكن الطفلة التي أصبحت صبيّة استعصت، لأنها كانت تشعر بأن هذا الرجل أو غيره سيسلبها حب أمها وحنانها، وكانت تدافع عن ذاتها أكثر من ذكرى أبيها. ومرت الأيام . . أيام أخري بعد أخرى . . وبدأ أن الصبية قد بدأت تلين واستكانت. فرحت الأم بأن أبنتها قد رضيت أخيراً، ولكن الذي أخافها بأنها كانت ترى على وجه أبنتها علامات الوجوم، وأن الاصفرار كان يغلب على وجهها.
تم الإعداد للزواج من قبل الأم والأقارب والصديقات، وامتلاء البيت بفرح باهت مكتوم. أنعزلت الصبيّة في غرفتها، لا تتكلم ولا تتحرك . . كانت ترقب كل شيء بصمت عجيب، حاولت الأم كثيراً أن تقنع أبنتها بأن تكون طبيعية، ولكنها لم تنجح، بل إنها قالت لها: يكفي أنني صامته وراضية بما يحدث، ولكنني لا استطيع أن أفرح.
كانت كلمات البنت قاسية على الأم، فانحنت على أبنتها وفي قلبها أسى العمر كله، وأخذت تحدث نفسها: كيف تكون دموع الحزن في ليلة يفترض أنها للفرح!!. بعد ذلك الحوار القصير مع أبنتها ، شعرت الأم باكتئاب شديد، وأحست بمسحة من التشاؤم، ولم يخرجها من ذلك التفكير سوى دخول أختها مع أطفالها الستة وجلبتهم وصراخهم المعهود.
نظرت الأخت إلى العروس ورأتها واجمة، فقالت لها: لماذا تمثلين علينا وتُظهرين نفسك بأنك غير سعيدة، هل تخافين الحسد؟. بعد ذلك جاء العريس، بينما كانت الصبيّة تراقب كل شيء من غرفتها . . جلس العريس في المكان المخصص له، ثم نادت الأخت على أختها العروس لتجلس على الكرسي المجاور. اتجهت العروس وعلى وجهها سحابة من حزن لتجلس في المكان المخصص لها،
وقبل أن تجلس العروس، إذا بالجميع يسمع صراخاً عالياً يصدر من غرفة الصبيّة، توجه الجميع إلى مصدر الصوت ليعرفوا السبب ، فوجدوا الابنة تبكي وتصرخ بأعلى صوتها: أخرج من هذا المكان، أنها أمي ، أنا لا أريدك، لا يمكنك أن تحل مكان أبي، سأقتل نفسي إن لم تخرج الآن. وحين حاول الزوج مساعدة الصبيّة، أمسكت بطرف لباسه ومزقته بأسنانها. عند ذلك ، طلبت الأم من عريسها الجديد بأن يخرج هو والمدعوين. ولم تهدأ الصبية إلا عندما شعرت بأنها في حضن أمها، والتي كانت دموعها لا تنقطع.
وفي صباح اليوم التالي قالت الأم لأبنتها: سأضحي بالزوج والحبيب من أجلك يا ابنتي.
إنها تضحية من آلاف التضحيات التي تضحي بها أمهاتنا،
ولكن البعض يكافيهن بالتقصير والعقوق. |
|
KEEM الإدارة الإشرافية
عدد المساهمات : 207023 تاريخ التسجيل : 10/09/2013
| موضوع: رد: تضحيه ام الإثنين 21 أكتوبر - 11:35 | |
| |
|
العراب قلم ماسي
الجنس : عدد المساهمات : 62724 تاريخ التسجيل : 30/09/2013
| موضوع: رد: تضحيه ام الإثنين 21 أكتوبر - 16:39 | |
| |
|
KEEM الإدارة الإشرافية
عدد المساهمات : 207023 تاريخ التسجيل : 10/09/2013
| |