مرت شهور طويلة لم يزر فيها المطر الأرض،ولم
يؤنسهاويسليها كعادته،وتركها غارقة في حزنها إلى
أن جفت دموعها،ومات فيها كل أخضر ولون
زاه،وشارفت على الموت بشكل فظيع ومريع،حتى
كادت أن تفقد الأمل وتودع الحياة،وفجأة!.
مرت سحابة عابرة في السماء وقد كانت صغيرة جدا
وبالرغم من صغرها إلا أنها أحيت الأمل من جديد،
وأعادت نبض الحياة إلى الأرض،وبأن هناك بشارة
عن قرب الفرج، وفعلا!
جاءت سحب أخرى خلف تلك السحابة،ومع مرور
الوقت تجمعوا حتى شكلوا الغيوم السوداء،ولاح
البرق يظهر ويختفي،وهزيم الرعد المهيب ينبئ عن
حلول الفرج في هذه اللحظة،حينها سقطت أول
قطرة من المطر،جملت الأرض بأول ابتسامة،من
بعد طول يأس وإحباط،وتتالت بعدها القطرات
فأنقذ المطر الأرض من الموت،فقال لها: لقد أتيت
لأبدد حزنك وألمك.
قالت الأرض:كدت أموت لو كنت تأخرت أكثر.
قال المطر:وهكذا هو الفرج ربما يأتي بعد اليأس.
قالت له :كان أملي في الله كبير بأنه لن يخذلني
وبأنه سيرسلك لي لكي أعود إلى الحياة من جديد.
ضحك المطر وقال: إن الله عند حسن ظن من يظن فيه
خيرا، إنه لا يخيب رجاء الضعفاء والحيارى.
قالت الأرض:أنظر إلي لقد عدت جميلة بفستاني
الأخضر ،وحولي العصافير والفراشات سعيدة مثلي.
قال المطر: أنت صديقتي وأنا سعيد لسعادتك وهنا
يكون المعنى الحقيقي للصداقة.
ودع المطر الأرض ووعدها بأنه سيزوروها في كل يوم
حتى لا تيأس وتجف وتموت من دونه.