كانت نعجة صغيرة يرعاها رجل عجوز مع باقي
النعجات والخراف،كانت إذا مادخلت الحظيرة وأغلق
الباب عليها شعرت بالضيق الشديد،وبالرغم من أن هذا
حال جميع الخراف والنعاج،كانت تشعر بأنها تريد أن
تكون حرة،وأن تخرج إلى مكان جديد،إلى عالم آخر
تجد نفسها فيه،وتتحرك فيه بكل أريحية،دون أن تكون
تابعة لأحد،وعندما يفتح الباب لهم لكي يرعاهم الراعي
في المراعي منذ ساعات الصباح الباكر،كانت تسر كثيرا
وكأن قلبها عاد للنبض من جديد،وعادت إليها أنفاس
الحياة من جديد،وكلما أوشكت الشمس على الغروب
وعاد بهم الراعي من حيث أتوا،كانت تزداد حزنا وألما
حتى قاربت على الاكتآب،فاستغل الشيطان هذا المنفذ
ودخل إليها من خلاله،وشجعها على الهروب من راعيها
وقطيعها،وفي صباح اليوم التالي انسحبت بكل هدوء،
وقتما كانوا في المرعى،وظلت تركض وتركض مبتعدة
والفرحة تشق وجهها،حتى لم تعد تراهم وراءها كقطعة
نقدية وقعت في أعماق المياه واختفت في ظلمتها.
ومن هنا ظهرت أول مشكلة وهي أنها قد ضاعت في
الفلا(الصحراء)،فلم تعرف إلى أين تذهب؟
أو من أين تبدأ مشوارها؟
ولكنها قررت أن تتابع المسير،فربما تجد شخصا طيبا
يساعدها من هنا أو هناك،وظلت تسير وتسير حتى
أتعبها المسير،وأحرقتها حرارة الشمس،وبدأ الندم
يتسلل إليها،وجثت تبكي ندما وحسرة على مافعلته
دونما أي تفكير أو تخطيط مسبق،وفجأة صادفت
ذئبا بدا متدينا خلوقا مهذبا واعيا،أوهمها بأنه يريد
مساعدتها،فصدقته وذهبت معه وصارت عشاؤه لليوم.