الوهمُ القاتل
نجح طاقم أحد القطارات من إنجاز رحلته بسرعة وأمان، فقرَّرت إدارة شركة القطارات مكافأتهم، ومنحتهم إجازة مدفوعة الأجر لمدة يومٍ واحد، علاوة على السماح لهم بالنزول في المحطة التي وصلوا إليها، وإكمال الرحلة في اليوم التالي.
فرح العمَّال بهذا القرار، وبدؤوا على الفور بمغادرة المقصورات، بعد أن استيقنوا من إحكام غلق أبواب العربات ونوافذها، لكنَّ هذه المِنحَةَ تحوَّلت إلى مِحْنةٍ على أحد زملائهم؛ فبينما كان يُنظِّفُ العربة الخاصة بنقل اللحوم المجمدة - وهي عربة الثلاجة - أغلق زملاؤه البابَ الخارجي عليه دون أن يعرفوا أنه بداخلها.
في صبيحة اليوم الثاني عثر العمَّال على زميلهم جثةً هامدة داخل الثلاجة، كما وجدوا مفكرةً صغيرة مُلقاةً بقربه دوَّن فيها آخرَ أنفاسه قبل موته لحظة بلحظة، كتب قبل أن يلقى مصيره:
(لا أدري لِمَ أغلَقَ زملائي بابَ الثلاجة؟! لماذا تركوني في هذا البرد القارس؟! لقد بذلتُ كلَّ ما بوسعي لأخرج، صرخت بأعلى صوتي، طرقت الجدرانَ بيديَّ، رفست الباب برجليَّ، ناديت وناديت، لكن لا مجيب! أشعر ببرد يقضم أطرافي، وقشعريرة تسري في أوصالي، استلقيت على الأرض، لم يبقَ في جسمي طاقةٌ تدفع هذا الجليد، لم يَعُدْ بي طاقة على التحمل، هذا آخر سطر سأكتبه في حياتي).
مات العامل من البرد، لكن المفاجأة الكبرى أنَّ الثلاجة لم تكن تعمل؛ فقد أوقف العمال مفتاح تشغيلها قبل مغادرتهم؛
" لقد قتله الوهم"!