ها هو
حسبته لن يأتي اليوم ؛ لكنّه كذاك الرّوبوت المضبوطة تصرّفاته ومواقيتها .
أجابني الصّديق بنظرته التي تعلن استغرابها عن فضولي المفرط وقال :
ما بالك تثقل تفكيرك بتتبّع خطواته ؟ إنّه لشخص أراه ككلّ زبون في هذا المقهى .
أترى يا صاح ! هاهو يضع ذاك الفنجان الجميل ! أقسم أن أشبع فضولي اليوم .
قصدت طاولة الغريب بخطوة سريعة . ألقيت التحيّة فأجابني بلباقة . فسألته قائلا :
أتسمح لو أشاركك الطاولة سيّدي ؟
لم يمتنع لكن بدت على محيّاه علامة استغراب مؤكّدة . فالمقهى فارغ
شكرته وجلست بأوّل سؤال : أتمنّى أن لا أكون قد أزعجتك سيّدي ؟
ابتسم وأضاف قائلا : ليس في مشاركتك لي هذه الطاولة العمومية أدنى إزعاج .
أعاد نظره لجريدته إلى أن وقف النّادل حاملا الفنجان الذي يشغل تفكيري !
النّادل : هاهي قهوتك سيّدي .
الغريب : لك الشكر الجزيل .
انصرف النّادل وعاد الغريب بنظره وهو يتمتم بنبرة خافتة عناوين الأخبار بالفرنسية
بدوت متطفّلا عندما دخلت للموضوع من الباب الغبي بسؤالي المباشر : ما قصّة هذا الفنجان سيّدي ؟
وبنظرة تساؤل ودهشة تليها ابتسامة وعي كامل بتصرّفي وسؤالي الفضولي وضع الجريدة على الطاولة وأجاب :
صنعت الفنجان بيدي وأحببته . وللقهوة نكهة خاصّة في هذا الفنجان .
رنّ هاتفي فجأة فقمت لكي أخرجه من جيبي بحركة زلزلت الطّاولة ليقع محور الموضوع وينكسر .
لفت انتباه الموقف الزبائن القلّة في المقهى . فقام صاحبه دون أدنى كلمة مقاطعا أسفي المتكرّر
ولم يمضي عام حتى مات إثر حسرته على انكسار عزيزه الفنجان