كان يجلس إلى مكتبه، وعيناه شبه مغمضتان ويردد من حين لآخر في سره:" مللت، هذا الكتاب سيء" وهذه المرة أغلق الكتاب بعنف، وأمسك هاتفه وهو يتمتم:” هي غاضبة مني، ماذا سأفعل؟"
وبيدين مرتجفتين فتح تطبيق المحادثات، وكتب لها:
-كيف حالك يا زئبقتي؟ انتظر للحظة عسى أن تجيب على رسالته، ثم أغلق التطبيق بعد أن تأكد أنه لا أمل. بعد برهة أخذ مذكرته وكتب:
"وَلَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ - مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي
فَوَدَدتُ تَقبيلَ السُيوفِ لأَنَّها - لَمَعَت كَبارِقِ ثَغرِكِ المُتَبَسِّمِ"
ثم علق على البيت الشعري قائلا: أنت أحمق يا عنترة، كيف تستحضر ذكرى حبيبتك في وسط المعركة؛ فلو كنت مكانك ما ذكرت سيرتها إلا بين الورود والبساتين.
ألا تخشى عليها من أن يصيبها بعض من واقعك في المعركة فتتأذى؟! لعلك شخص مستهتر أليس كذلك؟ أعرف أنك تود أن تبرهن على أنك تتذكرها حتى في أسوأ المواقف.. لكن، ما عساي أقول لك يا عنترة، فأنا لا أملك قوة وعضلات مثلك كي أكتب شعرا وأنا أبارز في المعركة.
ألقى نظرة على هاتفه، ثم أخذه مرة أخرى وفتح التطبيق على أمل أن يجد رسالة منها، وبالفعل كانت هناك رسالة مقتضبة منها تقول:
-زئبقتك بخير، شكرا!
-لا تأخذي على خاطرك مني، لم أقصد إزعاجا.
-لا بأس.. كانت إجابتها مقتضبة؛ فشعر أن قلبه يتمزق، فكتب لها:
-في نظرك لو أنهم خيروني بك، وبأن أتزوج أجمل فتاة في الكون مع مبلغ مليون درهم، فماذا سأختار؟
-لا أعرف؟
-خمنّي!
-سوف تقول أنك ستختارني، هذا واضح!
-لا! سوف أتزوج أجمل فتاة وسآخذ المليون درهم. تفاجأت الفتاة من إجابة حبيبها وقالت بغضب:
-وتقولها أيضا!
-لا تغضبي يا وردة، فأنت لا تعرفين سبب اختياري هذا!
-وما عساه يكون السبب يا ليث؟ الطمع والجشع، أم أنك ستقول أنك أخبرتني الصراحة؟
-لأنك أجمل فتاة في الكون يا زئبقتي، فكيف لا أتزوج أجمل فتاة وآخذ المليون درهم؟ علا وجه وردة ابتسامة تعبر عن رضائها وذكاء ليث ثم كتبت:
-أنت تعرف دائما كيف تجعلني أبتسم، أيها الليث الماكر.. ابتسم هو الآخر وكتب:
-يعز علي أن أراك غاضبة منّي.
-لقد طلبت منك الخروج لتناول الغذاء ورفضت، هلا فسرت لي تصرفك الأرعن؟
-لأنك قلت أننا سنخرج وحدنا، وأنا لا أستطيع أن أختلي بك، مخافة أن يدخل الشيطان بيننا، فنسقط في منكر والعياذ بالله.