في احدى ليالي تموز الباردة، وتحديدًا في الجمعة الثانية، عُدت من عملي في ساعة متأخرة، لا أُريد شيئًا سوى بعض النوم، فعلى غير العادة في مثل هذه الاوقات من العام، كان الهواء العاصف يلوح في الافق، كأننا في كانون، استمر هبوب الريح لدقائق معدودة حتى توقف، وفي تلك اللحظة سمعت صرخة عالية من الغرفة المجاورة، ارتعش لها بدني، نهضت من على سريري مسرعا لاتفقد ما الامر، فلم تكن تلك الصرخة عادية، كانت شديدة جدا فلو انني بجانب صاحبها لتمزقت طبلة اذني، وانا اركض متجها للغرفة المجاورة، بدأت الافكار تراودني، فتخيلت ان الصارخ قد رأى جني او ما شابه، وصلت للغرفة واذ هي فارغة، اين ولدي خليل؟؟؟ ليس هنا اين هو!! فصرخت صرخة شديدة اهتزت لها الجدران، ونظرت من النافذة، فربما رأى شيئا، او قفز منها، ولكن لا اثر لاي حدث. بحثت في المنزل كله عن الولد، ولكن لم اجد له اي اثر، وبعد ان وصلت القبو المعتم، قررت الرجوع، فلم اجرئ على التقدم اكثر، ومن الواضح ان المكان على حاله لم يمسسه احد منذ زمن طويل، فخيوط الارملة واضحة كوضوح الشمس، رجعت لغرفته مرة اخرى احاول البحث عن دليل ولكن لا شيء، فقررت تبليغ الشرطة، فالامر حقا خطر، عدت لغرفتي للاتصال بهم، واذ بخليل على سريري نائم، رجفت حاجبي وشاربي كانت كافية لشرح الصدمة، الا انني بثبات ودون حركة تذكر، صعدت الى السرير ووضعت رأسي على الوسادة، ونمت نوما عميقا.
في الصباح الباكر استيقظت متعبا، فربما كانت الليلة الماضية من اصعب ليالي حياتي، نظرت الى جانبي ولكني لم اجد خليل، فقلت ها نحن مجددا، توجهت مسرعا الى غرفته، ولكن لم اجده ايضا، فقررت الاختصار على نفسي والعودة الى غرفتي فربما اجده، فوجدته على سريري مرة اخرى، قررت هذه المرة ايقاظه ولكن دون جدوى، فاقتربت منه وحاولت الاستماع لنبضه واذ به منعدم، حاولت تدارك الموقف، فخرجت مسرعا من الغرفة وجلست ادور في مكاني، لا اعلم ماذا افعل، بدأت اسأل نفسي هل مات خليل؟ واذا كان قد مات فكيف يتحرك؟ رجعت الى الغرفة مرة اخرى ولكني لم اجده، كدت في تلك اللحظة ان افقد عقلي، ولكنني تماسكت فذهبت لغرفته، وعدت الى غرفتي ولكني لم اجده، فهل تغير مكان اللعب؟ بحثت عنه في المنزل كله وكررت حركة الذهاب والعودة مرات عدة ولكن دون فائدة، فرجعت الى غرفتي ولا ادري ماذا افعل هل ابكي؟ ام اصرخ؟ ام ماذا؟ الا انني قررت النوم، نعم فربما كان مجرد كابوس مزعج، فكيف للريح ان تهب في تموز؟ وكيف لي ان اعمل يوم الجمعة؟ قررت اخذ غفوة عميقة جدا الا انها كانت عميقة اكثر من اللازم فما زالت مستمرة حتى الان، واكثر ما اخافه ان تستمر الى ان القى أجلي.