لم أر ريشة على رأس الفرنسي والإيطالي تجعله أفضل من الأثيوبي والبنغالي .
لم أر ريشة على رأس الأبيض والأشقر تجعله يدوس بنعله على الأسود .
لم أر ريشة على رأس الذكر تجعل له الحق في التعليم والحب والسفر .
لم أر ريشة على رأس الزوج ليصبح من حقه أن يخون ويبني علاقات غير شرعية .
لم أر ريشة على رأس مسؤول أو حاكم ليتحكم بالشعوب ويظلم العباد ويسلب وينهب .
هؤلاء كلهم أقنعونا أن على رأسهم ريشه جعلتهم يتسلقون على ظهورنا حتى فقدنا الطاقة وما عدنا نقوى على مزيد من التحمل.
انا لم أشاهد ريشة على رأس أحد في الشارع او السوق او الجامعات .
قضينا عمرا كاملا في غيبوبة لا نعلم أننا مخلوقون كسائر البشر من نفس التركيبة من طين، فإلام الخلف والاختلاف وفيم التكبر ؟
و ما قصة التمايز بين البشر إذا لم يكن على رؤوسهم ريشة تفاضل فيما بينهم ؟
ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ؛ وإنما جعل الله الناس شعوبا وقبائل لتتعارف ؛ فأما الافضليه فتتحصل بالتقوى فلا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود ، وما سنة الإختلاف هذه إلا لرفع وخفض الدرجات ؛ وذلك حتى يتحقق التدافع والقيام بمهام الحياة ، وليس ليكون أحد أفضل من الآخر ككينونة وشخصنة تجعل من البعض سادة أو عبيد وإنما كلنا عبيد لله ، نختلف لنتكامل لا لتتناحر و نتعالى ، ولا يتحقق التكامل إلا بإقامة العدل والمساواة .
الريشة لم تكن يوما مقياسا لتمنح صاحبها استحقاقات وكرامات تميزه عن الآخرين ؛ فهذا أبيض على رأسه ريشه ، هذا من عائلة معروفة على رأسه ريشه ، وذاك ابن مسؤول على رأسه ريشه حتى رأينا ريشة على رأس ابن الوزير وابن المدير وابن القائد العظيم .
كل هذا من شأنه أن يجعلنا محبطين لا نعمل لنبدع ولكن نعمل لننتهي من المهمة دونما إتقان ودونما مهارات ؛ فنحن على علم مسبق أن العمل لا يغني من التمييز والمفاضلة لاستحقاقات فردية ؛ فالعطاء يحتاج إلى عطاء مسبق ، والإبداع لا يتحقق إلا بقدر الحوافز والهبات ؛ تماما كصاحب بستان يعتني بأشجاره كلها فتغدق عليه بالثمار ، عطاء مقابل عطاء
------
فدوى بهجت خصاونه