لمست وفاء انشغال زوجها عنها، خاصة في المساء، وكلما تحدثت معه يقول لها: ألم تشاهديني مشغولا في الرد على الرسائل الالكترونية؟
فهو فعلا مشغول، فما أن يصل الى البيت يسأل زوجته: أين طعام العشاء؟ ترد عليه: أنا بانتظارك، والعشاء جاهز.
ما أن ينتهي من تناول الطعام حتى يتجه الى مكتبه ويفتح الكمبيوتر ويبدأ بقراءة الرسائل والرد عليها. ويكتب أشياء كثيرة لا تدري عنها شيئا.
في إحدى الامسيات طلبت من زوجها شراء كمبيوتر لها لأنها تريد التواصل مع أهلها وصديقاتها. لأن جهازا واحدا في البيت لا يكفي خاصة وانه يحجزه منذ وصوله مساء حتى النوم. ولم يرفض طلبها، في اليوم التالي جلب جهازا جديدا لها.
تعودت وفاء على نظام حياة زوجها وبرنامجه اليومي، ففي كل يوم وبعد تناول طعام العشاء يتجه هو الى مكتبه ويتابع اعماله على جهاز الكمبيوتر وهي تجلس في الصالة تتابع برامج التلفزيون تارة، وتارة أخرى تفتح الكمبيوتر وتتابع أحوال الأهل والصديقات عبر الفيس بوك،
وفي احدى الامسيات خطر في بالها ان تنتحل اسما آخر لتبدأ بالحوار مع زوجها عبر الفيس بوك، ولم تتوقع من زوجها ان يتقبل الدعوة للصداقة بسرعة، وزاد في كتابته رغبته في اللقاء معها.
أحست وفاء ان زوجها لعوب ويمكن ان ينزلق في متاهات الحوارات باسم الصداقة، وخافت عليه من بنات الحرام.
في كل مساء يطلب الدردشة معها فتجيبه بسرعة، ولا يدري أنها زوجته الجالسة على بعد أمتار منه.
وجدت في كتاباته كلاما معسولا، ويجيد الغزل الرفيع والكلمات المنمقة، الى أن دعاها لتناول القهوة في أحد المقاهي، لكنها ابدت تحفظها من اللقاء واعتذرت لانشغالها.
رصدت رد فعله، إذ بعد رفضها اللقاء به وفق ما يكتب في رسائله يقف وينادي عليها طالبا منها اعداد فنجان قهوة، تجلب القهوة وتسأله: هل انت مسرور؟
ـ نعم
ـ لكن ملامح وجهك لا تدل على ذلك، هل أغضبك أحد من زبائنك؟
ـ لا.. لا .. مواضيع عديدة بحاجة لمتابعة.
في مساء اليوم التالي وكعادته بدأ الدردشة وهي ترد عليه، وكتبت سؤالا محرجا: هل انت متزوج؟
رد عليها: أكون صاحب الحظ السعيد إذا أصبحت زوجتي. أدركت وفاءأن زوجها يسير بطريق خاطئ ولابد من تصحيح مساره، لكن بأسلوب هادئ.
أعاد طلب اللقاء معها في أي مكان تختاره، هذه المرة لبت دعوته وحددت مطعما في احد الفنادق على أن يكون اللقاء على العشاء.
سألها: كيف أعرفك؟
ـ قل لي ما لون بدلتك وربطة عنقك؟
ـ بدلتي سوداء وربطة عنقي حمراء.
ـ وأنت ماذا سترتدين؟
ـ سأحمل بيدي باقة ورد عندها تعرفني مباشرة.
وافق على الفور على ان يكون اللقاء في مساء اليوم التالي.
أنهى الدردشة وتوجه نحو زوجته مبتسما وقال:
لدي موعد غدا على عشاء عمل مع زبون جديد واصل من أوروبا، وسأتأخر فلا تنتظريني على العشاء.
ـ إذا كان لقاؤك مفيدا أدعو الله ان يوفقك.
ـ طبعا مفيد
في صباح اليوم التالي ارتدى بدلته السوداء الأنيقة وربطة العنق الحمراء وتوجه الى عمله والابتسامة لا تفارق وجهه.
استعدت وفاء للقائه وهي تخطط لاستيعاب ردة فعله في لحظة لقائه.
ذهبت الى صالون التجميل ومنه الى بائع الزهور، وهي تدعو الله ان يصلح زوجها ويتقبل منها هذه الدعابة التي كشفت من خلالها توجهه الخاطئ. مرت ساعات النهار بسرعة ومع اقتراب موعد اللقاء توجه الزوج الى محل بيع العطور واشترى عطرا نسائيا فاخرا ليقدمه هدية للمرأة التي سيقابلها.
توجه الى المطعم وحجز طاولة لشخصين وجلس ينتظر حضورها، وكلما دخل احد نظر الى الباب عسى ان تكون امرأة أحلامه قد وصلت، لكنها تعمدت ان تتأخر قليلا، حتى يزداد شوقه للقائها. دخلت وفاء المطعم حاملة باقة ورد وقد وضعت نظارات على عينيها، ما ان لاحظ باقة الورد حتى قفز من كرسيه متوجها نحوها، وهو يتطلع الى وجهها، تباطأت خطواته عندما رفعت النظارات وقدمت له باقة الورد قائلة:
أشكرك على الدعوة يا حبيبي، وسنتناول العشاء معا شريطة ان تفتح صفحة جديدة من حياتك معي.
تلعثم بالرد عليها قائلا: أنت .. أنت التي أحادثها عبر الفيس بوك؟
ـ نعم أنا، لكن هل تعتقد ان خيانة الزوج عمل يغفر؟
ـ وانت هل تعتقدين ان خيانة الزوجة عمل يمكن أن أقبله؟
ـ أنا لم أخنك، بل كان امتحانا صعبا لك وقد رسبت به لكن الحمد لله أنك سقطت معي وليس مع امرأة أخرى.