من الأدب التركي
الاستاذ جنيد السعاوي
ترجمة اروخان محمد علي
عندما بدأ الشاب بالتهيئ للدخول إلى امتحان في أكبر شركات البناء في القطر كان يقول مزهواً لنفسه :
- ستتحقق جميع آمالي .. مهما تكلم العجائز عندنا عن القدر فإنه لن يكون له مكان في هذا الأمر.
كان قد مضى على تخرجه من الجامعة خمس سنوات عمل خلالها في مكاتب هندسية مختلفة واكتسب خبرة جيدة. أما الآن فقد نشرت هذه الشركة التي حمل الأمل في العمل عندها منذ سنوات إعلاناً يطلب فيه مهندسين من ذوي الخبرة. نُشر الاعلان في الصحف بلغات أجنبية متعددة، وبعد تحديد التاريخ واليوم جاء في الإعلا ن :
- سيكون الإمتحان الأول كتابياً في الساعة العاشرة من هذا التاريخ.
بعد أن قرأ الشاب هذا الإعلان أخذ اجازة لمدة أسبوعين من محل عمله وبدأ بالتهيؤ للإمتحان، كما أخبر عائلته بالأمر. فقال له والداه المسنّان بلسان واحد :
- ستصل إلى مرادك ان كان ذلك من نصيبك . .. عليك أن تدرس وتجدّ، فإن كان ذلك من قدرك فستحصل على وظيفة في هذه الشركة.
ولكن الشاب لم يعجبه هذا الكلام بل قال بنبرة غاضبة :
- ان الإنسان يرسم قدره بنفسه، ولكن بشرط ألا يقصر في اتخاذ التدابير.
ولكي يبرهن الشاب على كلامه هذا ويجد جواً أكثر هدوءً وسكوناً، وأكثر ملائمة للدراسة فقد انتقل إلى بيتهم الصيفي قبل اسبوع واحد من موعد الإمتحان. وعندما وضع خطته للدراسة قال :
- ستكون الجرائد والمجلات والراديو والتلفزيون حراماً علي حتى يوم الإمتحان، إذ لن أنشغل بأي شئ سوى الدراسة .. سيعرفون كيف يكون التهيؤ للإمتحان.
ولأنه قرر الاعتكاف في البيت لمدة أسبوع كال فقد تصرف باحتياط فقد أخذ معه عدة ساعات ووضعها فوق المنضدة ولم ينس في هذه الأثناء الاتصال مع الشركة والتأكد من ساعة الامتحان فالتدبير أساس كل شئ، فقد تكون الجرائد قد أخطأت في كتابة ساعة الامتحان.
بعد أن اتخذ المهندس الشاب كل الاحتياطات الواجبة تهيأ للامتحان تهيئاً جيداً والحق يقال. وفي صباح يوم الامتحان استيقظ مبكراً وذهب إلى الشركة قبل نصف ساعة من موعد الإمتحان، لأنه كان يعلم جيداً أن أي تأخر وان كان لبضع دقائق لن يكون عذراً مقبولاً في مثل هذه الشركات.
عندما دخل إلى صالة الانتظار أجال طرفه حواليه ودهش لأنه على الرغم من اقتراب الساعة من الساعة العاشرة إلا أنه لم يلاحظ أي حركة هناك، وعندم ذهب إلى " الاستعلامات" وسأل عن السبب. قالت له المرأة الجالسة هناك وعلى عينيها نظارة بأسلوب متهكم :
- لقد دخلوا الامتحان قبل نصف ساعة .
ثم مدت إليه الجريدة التي كانت تقرأها ... كان الخبر الموجود في القسم الأيمن منها يقول :
" لقد بدأ تطبيق الساعة الصيفية اعتباراً من ليلة أمس إذا قُدم الوقت بعد منتصف الليل ساعة واحدة