من رحم المعاناة التي كابدناها وُلِدنا بقلوب صلبة قوية وشخصية لا تُشبِه سابقِها ، ما عادت الأوجاع تؤثّر فينا ولا الصعاب تقف عائق أمام أحلامنا ، لقد تقلّصت أحجام الأشياء التي ضخّمناها وقُمنا بتصفية جميع علاقاتنا واكتفينا بالقليل ممن عرفناهم وقلّصنا من الألم الذي كان يرافقنا ، حتى قلوبنا ما عادت إستلطفت الكلمات الجميلة ولا كثرة الوعود والأحاديث تثير إهتمامنا ، لقد كبرنا كفاية وعرفنا قيمة أنفسنا بعدد المواقف الثقيلة التي استهلكتنا ، أصبحنا نتحكّم بأعصابنا وتوقفنا عن تغيير قراراتنا ومبادئنا من أجل ثناء الآخرين علينا ، حتى الذكريات ما عادت تشُدّنا حنيناً للماضي ولا غياب الأشخاص عن قصد من حياتنا يؤلمُنا ، لقد اتّضحَت الصورة أمامنا وعرفنا قيمة العائلة ولمّة الأصحاب ، وعرفنا أنّ الوقت المناسب للحب بعدَما استنفذنا مشاعرنا الباهتة ، بهُتَ الإنبهار وبقِيَت الحقيقة تتربّع على عرش ثقتنا بأنفسنا أولاً وأخيراً ..من رحم الألم وعمق المأساة أدركنا قيمة أنفسنا..