يروي احد المعلمين أنه كان يقود سيارته فأوقفته دورية المرور، بادر ضابط المرور بطلب الرخصة وأوراق السيارة، وهو يتفحص وجهي من وراء عدساته الشمسية المعتمة... فسلمته كل ما طلب من وثائق ليبادرني بلهجة هادئة وحازمة...
-أنت لم تربط الحزام يا أستاذ!
- قلت نعم للأسف...
-قال هذه مخالفة...
-قلت نعم أعترف أني أخطأت وأستحق المخالفة...
بدأ الضابط بتدوين قسيمة المخالفة وقال لي : انت أستاذ ومعلم تربوي قلت : نعم، قال : إذا غش طالب في الامتحان هل تسامحه قلت : لا، قال : اذن ماذا تفعل؟ قلتُ : اطبق عليه القانون...
فناولني ورقة المخالفة وهو يضحك قال : هل يمكن أن تنزل من السيارة؟.. بتردد واستغراب نزلت... فقام باحتضاني فجأة... ويقبل رأسي كنت مندهشا مما يحصل...
-أستاذ...أنا الطالب فلان، درست عندك، أتذكر حين غششتُ من ابنك فلان في الامتحان.. فعاقبتنا حينها وسحبت ورقتي وورقته ومنحتنا صفرا وطبقت علي وابنك القانون..؟ منذ ذلك اليوم عرفت ان القانون وضع ليطبق على الجميع ولا يستثنى منه أحد ولو كان ابنك..." يومها بكيت احتراماً لك وحزناً انك طبقت القانون على ابنك دون ان تجامل فجعلتك مثالا لي... واليوم استاذي أطبق عليك القانون ولا أستثني أحدا لو كان ابني ..
لم أستطع اتحكم بدموعي فرحاً بان هذا الضابط كان احد طلابي وعرف ماذا يعني تطبيق القانون وهو بالمقابل كان يناضل من أجل أن لا تسيل دموعه حفاظا على هيبة الزي العسكري الذي يرتديه... فاخرج مبلغ من جيبه الخلفي فقال :
أقسمت عليك يا استاذي أن تقبل هديتي فأمتنعت ...فألح علي وقال القانون طبقته عليك لكن قيمة المخالفة علي ... *فانت معلمي وابي وقدوتي وأدامك تاجا فوق رؤوسنا* *حاولت الامتناع فألح بشدة وسانده زميله الذي شهد الموقف بتأثر*
*غادرت المكان وقد سرت بين أضلعي سكينة عجيبة وسعادة غامرة ودموع فخر انه* *تخرج من تحت يدي جيل لايخون وظيفته ولا وطنه*
*تلك ثروة المعلم والمربي اذا غرسها في طلابه صلح المجتمع وصلح الوطن فالتعليم وتطبيق القانون لايقدر بثمن*