فضل التكبير في ذي الحجة من العمل الصالح خاصة في أيام العشر لأنها أيام معظمة أقسم الله بها في كتابه والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالى: {والفجر*وليال عشر} (الفجر: 1-2) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة. قال ابن كثير: ” وهو الصحيح ” (1).
ويسن التكبير في عشر ذي الحجة قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج:28] قالوا: هي عشر من ذي الحجة.
وقد كان السلف الصالح يحيون التكبير، فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يغدو إلى السوق وليس له حاجة في السوق فيكبر، فيكبر أهل السوق بتكبيره؛ إحياءً لهذه السنة.فينبغي للإنسان أن يحرص على إحيائها، وأن يرفع صوته إحياءً لهذه الشعيرة؛ علّ الله أن يرفعه، فما رفع عبد شعيرة إلا رفعه الله عز وجل بها.
ومن أحيا سنة أحياه الله كما أحياها، فلذلك ينبغي إحياء هذه السنن، والحرص عليها والدلالة عليها، وقد كان الناس إلى عهد قريب يكثرون من ذكر الله في هذه العشر لفضلها (2).
فضل التكبير في ذي الحجة
التكبير هو تعظيم الرب تبارك وتعالى وإجلاله، واعتقاد أنّه لا شيء أكبرُ ولا أعظمُ منه، فيصغر دون جلاله كلُّ كبير، فهو الذي خضعت له الرقاب وذلَّت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كلَّ شيء، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوّه وقدرته الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت حكمه وقهره المخلوقات.(3)
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال بينما نحن نصلي مع رسول الله ﷺ إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، فقال رسول الله ﷺ: “من القائل كلمة كذا وكذا؟” قال رجل من القوم: أنا، يا رسول الله، قال: “عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء”. قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله ﷺ يقول ذلك. (صحيح مسلم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “ولهذا كان شعار الصلوات، والأذان، والأعياد هو: التكبير، وكان مستحبا في الأمكنة العالية كالصفا والمروة، وإذا علا الإنسان شرفا أو ركب دابة ونحو ذلك، وبه يطفأ الحريق وإن عظم، وعند الأذان يهرب الشيطان.”. (4)
ماهي صيغة تكبيرات العشر من ذي الحجة ؟
صفة تكبيرات العشر من ذي الحجة هي :
إما أن يكبر شفعاً، فيقول: ((الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)).
أو يكبر وتراً فيقول: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)).
أو يكبر وتراً في الأولى، وشفعاً في الثانية، فيقول: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد)). يفعل هذا مرة، وهذا مرة، والأمر في ذلك واسع. (5)
التكبير في عشر ذي الحجة
أنواع التكبير
تنقسم تكبيرات العشر من ذي الحجة إلى قسمين:
التكبير المطلق
وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسن دائماً، في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت. فيُسن التكبير المطلق في عشر ذي الحجة وسائر أيام التشريق، وتبتدئ من دخول شهر ذي الحجة (أي من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة) إلى آخر يوم من أيام التشريق (وذلك بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة).
التكبير المقيد
وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات. .ويبدأ التكبير المقيد من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق – بالإضافة إلى التكبير المطلق – فإذا سَلَّم من الفريضة واستغفر ثلاثاً وقال: ” اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ” بدأ بالتكبير وهذا لغير الحاج، أما الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حقه من ظهر يوم النحر. (6).
متى يبدأ التكبير في شهر ذي الحجة ؟
يبدأ التكبير المطلق بدخول عشر ذي الحجة، وقد كان بعض الصحابة كـأبي هريرة وابن عمر يخرجان إلى السوق ويكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وأما التكبير المقيد فمن فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، خمسة أيام: يوم عرفة، ويوم العيد، وثلاثة أيام التشريق بعده، ويكون بعد أداء الصلوات الخمس.
والحاج يبدأ التكبير من ظهر يوم النحر، إذا كان قد رمى جمرة العقبة في الضحى، فيبدأ من الظهر ويجتمع التكبير المقيد والمطلق في يوم عرفة، وغير الحاج فيكبر التكبير المطلق في المسجد وفي البيت وفي المكتب وفي المتجر، جالساً وقائماً ومضطجعاً، وأما التكبير المقيد فيكون بعد الصلوات المكتوبة، خمسة أيام، من فجر يوم عرفة ويوم العيد وثلاثة أيام بعده، والحاج يكبر من ظهر يوم النحر وثلاثة أيام بعده. واليوم التاسع من ذي الحجة يشرع صيامه ويستحب، وأما الحاج فلا يصوم يوم عرفة. (7)
ما هو أجر التكبير؟
نعلم أن الإكثار من ذكر الله تعالى من أعظم الطاعات والقربات ومن أسهل العبادات وفيها اطمئنان للقلوب {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، ومن الذكر التكبير الذي كما ذكر سابقا منه ما هو مقيد بأوقات معينة كالتكبير في عشر ذي الحجة بالصيغ الواردة في السنة، ومنه ما هو مطلق.
قال ﷺ: “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد” ( قال الإمام النووي رحمه الله : “واعلم أنه يستحب الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادة على غيره، ويستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر” (9).
هذه دعوة للاستفادة من هذه المناسبات للتوبة أولا والإقلاع عن المعاصي ومن جميع الذنوب، واستغلال موسم عشر ذي الحجة للتوبة من جميع الذنوب والمعاصي وزيادة الأعمال الصالحة ومن نوافل العبادات مثل الإكثار من الذكر والتكبير المطلق في جميع الأوقات.