[ صـــفة الحـــج والعمـــرة ]
قال الشيـخ ابن عثيميـن -رحمــه الله-:
الطواف بالبيت.
"وفي بقية الطواف، الطائف يقول ما شاء من ذكر ودعاء، وقراءة قرآن؛ لأنّ المقصود أن تشتغل بما يقربك من الله -عز وجل-، إن شئت أن تقرأ قرآنًا فاقرأ، أو أن تذكر الله فاذكر الله، أو أن تسبّح فسبح، أو أن تكبّر فكبر، كما تشاء، حتى تتم سبعة أشواط، وبذلك انتهى الطواف.
واعلم أنك بهذا الطواف -وأقصد بذلك الرجال- يُسن لك سُنّتان:
السنة الأولى: أن تضطبع بردائك، ومعنى الاضطباع: أن تجعل الرداء وسطه تحت الإبط، وطرفيه على العاتق الأيسر في جميع الطواف.
(السنة الثانية): أن ترمل في الأشواط الثلاثة الأولى، والرمل هو: سرعة المشي مع مقاربة الخطى، وهذا إن تيسر، أما إذا كان هناك زحام فإن الإنسان لا يتمكن من الرمل إلا بتأذٍّ يقع عليه أو تأذٍّ يقع منه.
وإذا أتممت سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ وأنت متجهٌ إلى مقام إبراهيم قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥].
ثم صلّ ركعتين، تقرأ في الأولى:﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ [الكافرون] مع الفاتحة، وفي الثانية ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص] مع الفاتحة، وخفف الركعتين، ولا تدعُ بعدهما، بل دعِ المكان لغيرك، وإذا سلمت، فإن تيسر أن تعود إلى الحجر الأسود وتستلمه فافعل، وإن لم يتيسر فلا إشارة.
السعي بين الصفا والمروة.
ثم اتجه إلى الصفا لتسعى بين الصفا والمروة، فإذا دنوت من الصفا فاقرأ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨].
وإن شئت فزد: «أبدأ بما بدأ الله به». هذا تقوله إذا أقبلت على الصفا وليس إذا صعدت، وتقوله أول مرة ولا تقوله عند المروة، ثم اصعد الصفا واتجه إلى القبلة، وارفع يديك، وادع الله -عز وجل- واذكره بما ورد، ثم انحدِر من الصفا متجهًا إلى المروة، فإذا حاذيت العَلَم الأخضر وهو العمود الأخضر وفوقه نجفات خضر؛ فاركض بقدر ما تستطيع، حتى إن النبي -ﷺ- كان يسعى شديدًا تدور به إزاره، وهذا مشروط بما إذا لم يكن زحام، فإن كان زحام فعلى ما تستطيع، ولا تسع سعيًا شديدًا فتتأذى وتؤذي، حتى تصل إلى المروة، فإذا وصلت إليها فاصعد عليها واستقبل القبلة وارفع يديك وقل كما قلت على الصفا؛ حمدًا وذكرًا ودعاءً، ثم انزل منها متجهًا إلى الصفا، تمشي في موضع المشي وتركض في موضع الركض، فإذا أقبلت على الصفا فلا تقرأ الآية، إنما تقرأ إذا أقبلت على الصفا أول مرة، وتصعد على الصفا وتدعو الله -عز وجل- بما دعوت به في أول شوط، حتى تتم سبعة أشواط.
الحلق أو التقصير.
ثم تحلق أو تقصر، لكن إذا كان وقت الحج قريبًا فالتقصير أفضل في العمرة ليتوفر الشعر للحج، وبهذا تحل حِلاًّ كاملاً.
فصارت العمرة الآن: إحرام، وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير، تتم الآن وتحل من كل شيء حرم عليك بالإحرام.
الإحرام للحج إذا دخل يوم الثامن من ذي الحجة.
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة، فأحرم من مكانك الذي أنت فيه، إن كنت في مكة فمن مكة، وإن كنت في منى فمن منى، وإن كنت في عرفة فمن عرفة، أو في أي مكان أحرم منه، واغتسل، والبس ثياب الإحرام، وتطيب كما فعلت عند إحرام العمرة، وتقول: «لبيك اللهم حجًّا»، ولا تقول عمرة، وتبقى في منى محرمًا تصلي الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، كل صلاة تصليها في وقتها، لكن قصرًا، فتصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، أما المغرب فثلاث، والفجر ركعتان...".