كان هناك رجلٌ يعيش في الصحراء مع قبيلته، وكانت والدته كبيرة في السن، تملأ قلبها حُب ولدها الوحيد، رغم أنها قد فقدت معظم ذاكرتها بسبب الكبر. كان هذا الابن يضيق ذرعًا بتصرفات والدته، فهي تهذي باسمه ولا تريده أن يفارقها، حتى أصبح يعتقد أن بقاؤها سيقلل من مكانته بين قومه.
وفي يومٍ من الأيام، قرر القوم الرحيل إلى مرعى جديد، فأمر الرجل زوجته أن تترك والدته خلفهم في الصحراء، مع قليل من الزاد والماء، حتى يأتي من يأخذها أو توافيها المنية. وافقت الزوجة على طلبه، ولكنها تركت مع الأم طفلها الصغير، وهو بكرهما الذي يُحبه والده حبًا عظيمًا.
عندما استراح القوم في منتصف النهار، طلب الرجل ابنه كعادته ليلعب معه، لكن زوجته أخبرته بأنها تركته مع أمه في الصحراء. صُدم الرجل بكلماتها عندما قالت: "لأنه سيفعل بك كما فعلت أنت بأمك."
أدرك الرجل فداحة خطئه، فاندفع على ظهر فرسه عائدًا إلى المكان الذي ترك فيه والدته وولده. وجد والدته تحتضن الطفل، وتدافع عنه من الذئاب التي كانت تحاول الاقتراب منهما. بكامل ندمه، أنقذهم، وقبل رأس والدته مرات عديدة وهو يبكي.
منذ ذلك اليوم، أصبح بارًا بوالدته، ووضعها في مقدمة أولوياته أينما ارتحل.