استُروا أوجَاعَكم..
فزَكريّا في وصْفِ القرآن ، لَم يَزِد على أن {نادَى ربَّه نداءً خَفيًّا}..
همَس فيه بأرَقٍ ، خَبّأه في كلِّ سنوات عُمره {وكانَت امْرَأتي عاقِراً}..
لقدْ كان الهَمْس ليلاً ، في مكانٍ قَصيٍّ عن سَمعِ النّاس ، وفُضول النّاس..
هَمْس بِحاجَتِه الفطرية ، لِمـَن بيدهِ مَقاليد الأمر ، ومفاتيح الفَـرَج..
{فَهبْ لي من لدُنك وليّاً}..
هَمَس بها لله وحده ، دون أن يَهتِك سِتر ما بينه وبين زوجِه..
بلْ قدّم في أول الدُّعاء ضَعفه.. فهو الذي {وَهَن العَظم} منه {واشتَعل الرَّأسُ شَيبا}..
كأنّما يعتَذر عن زوجته ، ويَحمل العِبء عنها..
ثم ها هو يَصف ضَعفه ، ويسأل ربّه مخرجاً ، لا ينقض العَلاقة العَتيقة..
سَتَر النّقص ، فأشرقتْ لـه الأمنية ، وأتمّ اللهُ له الأمرَ على أجمَـلِ ما يكون..
إذْ جاءه يَحيى {بَرّاً بوالِديه}..
كلاهما.. فقدْ استحقّ الزَّوجان بـرّ الولد ، لبرٍّ خفيٍّ بينهما..
وبثَّ الشّكوى لربِّه..
فجاءَته البشرى {لَم نَجعل له مِن قبلُ سَميّا}..
إذْ لا يَليق بموقِفه الذي ليس له مثيل ، إلا طفل ليسَ له مَثيل..
السّتر سنُـن الأتقياء ، وعَـادات الأبرار..