بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله : أن سجود التلاوة سنة وليس واجباً ، وهذا مذهب الجمهور .
قال النووي رحمه الله – في حكم سجود التلاوة - : (مَذْهَبُنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ وَاجِبًا , وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ) انتهى من (المجموع ) (3/557) .
وقال ابن قدامة رحمه الله – مستدلاً لقول الجمهور - : ( لمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ , قَالَ : (قَرَأْت عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ مِنَّا أَحَدٌ ) (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .. وَلِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ , عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ : (قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ , حَتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ , فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ , حَتَّى إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا , حَتَّى إذَا جَاءَتْ السَّجْدَةُ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ , فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ , وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ . وَفِي لَفْظٍ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ إلَّا أَنْ نَشَاءَ ، فَقَرَأَهَا , وَلَمْ يَسْجُدْ , وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا وَهَذَا بِحَضْرَةِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ , فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ , وَلَا نُقِلَ خِلَافُهُ ) .
انتهى من ( المغني ) (1/362) .
ثانياً :
المصحف المترجم إلى لغة غير العربية ، لا يُعد قرآناً ، وإنما يعد تفسيرا للقرآن الكريم ؛ فالقرآن هو اللفظ العربي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يوسف/2 ، فإذا ترجم القرآن الكريم إلى لغة أخرى غير العربية ، فهذه الترجمة تعتبر تفسيرا للقرآن .
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله : (وتَرْجَمَتُهُ أَيْ : الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا تُسَمَّى قُرْآنًا ، فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ ، وَتَكُونُ تِلْكَ التَّرْجَمَةُ عِبَارَةً عَنْ مَعْنَى الْقُرْآنِ , وَتَفْسِيرًا لَهُ بِتِلْكَ اللُّغَةِ لَا قُرْآنًا وَلَا مُعْجِزًا)" انتهى من (كشاف القناع ) (1/341) .
وعليه ، فلا يشرع السجود لتلاوة آية سجدة بغير اللغة العربية ؛ لكون المقروء في هذه الحال ليس قرآناً .
والله أعلم .