قامت في الصباح على أشعة الشمس التي اخترقت نافذتها
معلنة بداية يوم جديد و كالعادة فتحت شباك غرفتها المطلة على
الأحياء المزدحمة بالمارة تتحرك تحت ناظرها الأشياء و الناس
و كأنها عرائس تحركها خيوط غير مرئية من وراء الستار،هبت نسائم شهر أيلول الخريفية المعبأة برطوبة شواطئ البحر
على ذلك الوجه الجميل الممتلئ الذي ما فتئ يقاوم الأيام و الليالي
فتنبعث فيها اليقظة و الحيوية فتدفعها للاهتمام بما يجري تحت نافذتها
سيارات، رجال، نساء، تلاميذ المدارس و طلاب الجامعة، و ابنيه مختلفة
و تجار و باعة الكل يتحرك نحو هدف ما... بدون تردد كل نحو وجهته
و هي في سكون تحدق بعينيها و تفتش الأمكنة كأنها تبحث على شيء أي شيء
هي لا تدري ما تفعل في هذه الصبيحة كما كل يوم بل يمر الأسبوع و لا تدري
بماذا تفكر و ما يمكن أن تعمل و كأنها عجلة تدور في فراغ لا بداية لها و لا نهاية
إنها و حيدة في الأربعينات من العمر لا زوج لها و لا ولد
و ترى أن حياتها لا لون لها ولا طعم... هي تعتقد ذلك كما عرفتها منذ زمن
و رغم ثقافتها الواسعة و مستواها المرموق فهي تعيش أحلاما لا أدري أ ميتة هي أم حية
نظرت إلى الأفق و كأنها تودع صباح ذلك اليوم ثم تنهدت و أغلقت وراءها الشباك
الأيام عندها سيان و اللحظات متشابهة فما لها هي و معاني المواسم
لقد تساوى عندها الليل و النهار و تتساءل مرات لما يأتي الربيع ؟
و لمن يأتي؟
و ما هو محلها هي من مصطلحات الجمال و الحب والشوق و الحنين ؟
ألوان الزهور لا تعني لها شيئا و الشمس و القمر آيتان من آيات الله لا أكثر و لا أقل
فهي تعيش لتأكل و تشرب و تنام كأي كائن آخر
أين قلبها و روحها ؟
أين ذاتها و فكرها ؟
أحلامها و آمالها شعورها و أحاسيسها ربما عفا عليهم الزمن
دارت في غرفتها... كل شيء مألوف عندها، كل شيء ساكن
يكاد سكونها ينطق و يقول لها أنا صامت و غارق في الصمت
و ميت مذ ماتت حياتك و يوم دفن فكرك وقلبك
هل هي السبب أم القدر أم الأيام أم الحظ لا جواب...لا جواب