مشت نحو القبر تجر خطواتها جرا، كانت ترتدي السواد و الخمار على وجهها، انتظرت الجميع حتى خرجوا من المقبرة، وحدها مع حزنها الذي لم يدركه أحد، في كل حديث لهما كانت تتخيل تلك اللحظة، سألته مرة: إذا مت أنت كيف أرثيك و كيف أحزن عليك، حتى هذا الحق منتزع مني، كيف أثبت للجميع أنك مسجل على قيد النبض؟ أنا! لست ضمن أفراد أسرتك و لكني أنا كلها مجتمعة، أجابها سأحتفظ بورقة معلقة أيقونة على صدري و أنت فيها محبوبة القلب، ألا يكفيك أنك من مواليد الحب و حروفك قصائد شعر في دواويني! كل تلك الكلمات تذكرتها و هي وحيدة على القبر، نثرت الورود التي كان يحبها، حمراء بلون شقائق النعمان.
عادت ذاكرتها للوراء و تذكرت أول لقاء، طلب منها أن تكون شريكة النبض في السر، و أن تداري مشاعر الود، لا تعرف كيف استطاعت أن تتزوج بلا عقد سوى الوفاء، و بقي هو متربعا عرش القلب دون منافس، ها هي الآن وحيدة على قبر تفوح منه رائحة الحنين و صورة لملك توجته بحبها على عرش السنين، و قفلت راجعة ووردة ذابلة احتضنتها كي تبقى شاهدا على ذاك العمر الحزين.