أول من اكتشف القهوة
يَعودُ اكتشافُ القهوة كما تروي الأساطيرُ إلى راعي الغنم كلدي؛ حيثُ لاحظَ أنَّ الماعزَ أصبحَت شديدةَ النشاطِ ولم تنمْ في الليل؛ وذلك بَعدَ تناوُلِها لنوعٍ من توتِ شجرةٍ مُعيَّنةٍ، وبَعدَ مُلاحَظتِه هذه أخبرَ رئيسَ الدّير في منطقتِه، والذي قامَ بصُنْعِ شرابٍ من ذلك التوت، وشاركَه مع الرُّهبانِ، وبدأَت معرفةُ التوت المُنشِّط بالانتشار، وهكذا انتقلَت الكلمةُ إلى الشَّرق، ووصلَت القهوةُ إلى جنوبِ الجزيرة العربيّة، وبدأت زراعتُها في منطقة اليَمَن، ثمَّ بحلولِ القَرن السادس عشر، أصبحَت معروفةً في بلاد فارس، ومصر، وسوريا، وتركيا، وسرعانَ ما انتشرَت القهوةُ في أوروبا، إلّا أنّ رجال الدين أدانوا هذا المشروبَ عندما وصلَ إلى البندقيّة عام 1615م، إلى أن تمَّت الموافقة عليه من قِبَلِ البابا كليمنت بَعدَ أن تذوَّقَه، ثمَّ بدأَت القهوةُ بالانتشار، من خلال إنشاء المقاهي في إنجلترا، والنمسا، وفرنسا، وألمانيا، وأصبحَت مشروباً رئيسيّاً في وجبة الإفطار، وبدأَ التنافسُ على زراعةِ القهوة؛ بسبب شعبيَّتِها، واستطاعَ الهولنديّون الحصولَ على شتلاتٍ من القهوة في النصف الأخير من القرنِ السابعِ عشر، وأصبحوا يمتلكونَ تجارةً مُنتِجةً، وناميةً في هذا المجال.[٢] القهوة الإثيوبيّة تُعتبَرُ إثيويبا المَنشأ الأصليّ لثقافةِ وتصنيعِ القهوةِ؛ حيثُ تمَّ اكتشافُها في تلك المنطقة في القرن التاسع، ويَعتمدُ السكَّان في عَملِهم على زراعة القهوة؛ إذ يشاركُ ما يقاربُ 12 مليون شخصٍ في ذلك، وتُعتبَرُ القهوةُ جزءاً أساسيّاً من الثقافة الإثيوبيّة؛ فقد ظهرَت في العديدِ من التعبيراتِ التي تتحدَّثُ عن الحياةِ، والأشخاصِ، والطعامِ، وخيرُ مثالٍ على ذلك القهوةُ الإثيوبيّةُ الأكثرُ شيوعاً، والمعروفة باسم بونا دابو ناو (بالإنجليزيّة: Buna dabo naw)، وتعني: القهوة هي خبزُنا، وهذا يعني أنَّ القهوةَ هي المصدرُ الأساسيُّ للرزق عند الإثيوبين، وأنَّ لها دوراً كبيراً في نظامِهم الغذائيِّ.[٣] كما أنَّ هناك عبارة شائعة عندهم وهي بونا تيتو (بالإنجليزيّة: Buna Tetu) وتعني: شُرْبَ القهوة، بمعنى أنَّ الناسَ يلتقونَ؛ من أجل شُرْبِ القهوةِ؛ الأمر الذي يدلُّ على دورِ القهوةِ في الحياة الاجتماعيّة الإثيوبيّة، وقد بدأَت زراعةُ البُنِّ في إثيوبيا في القَرن التاسع تقريباً، وقد انتشرَ عُرْفٌ عند الإثيوبيّين يقضي بمَضْغِ القهوة المطحونة والمخلوطة مع السَّمن، وذلك في قبيلة غالا، وانتقلَ هذا العُرْفُ إلى مناطق عديدة، مثل: كافا، وسيدامو، كما أضافَ البعضُ الزبدةَ إلى القهوة؛ لجعلِها أكثرَ كثافةً، وإضافةِ نكهة جديدة عليها، وهناك العديد من المصادر التي تُؤكِّدُ أنَّ الإثيوبيّين كانوا يتناولون القهوة كعصيدة، إلى أن تمَّ اكتشافُ طُرُقِ تناوُلِها، بتحميصِها، ثم طحنِها، وغليِها، وعُرِفَت بالقهوة الإثيوبيّة، ويَرجعُ أصلُ كلمة القهوة إلى اللغة المحليّة الإثيوبيّة، ويُشارُ إليها ب (كافا بن)، ومنها جاء مُصطلَحُ (حبّة البُنِّ).[٣]