هل نغيب عندما نغيب بكامل إرادتنا ؟
وهل هناك ما يستحق الحزن في الحياة ؟
وهل العبارة التي نعزي بها بعضنا البعض عندما يحاصرنا الحزن عندما نقول : " ليس هناك ما يستحق " هل هي واقعية أم عبارة عن مسكن نحاول من خلاله تخفيف أمر المعاناة ؟
حسنا ! لست حقيقة متأكد من أننا نمارس الغياب بكامل إرادتنا , كل ما أعرفه أن الغياب تتحكم فيها عوامل نفسية دقيقة تستعصي أحيانا على الفهم المجرد الأمر الذي تجعله على نحو أو اخر يتسلل إلى الأعماق التي أدمنت الركض في دروب المستحيل ! لتمنح أرواحنا التي تعبت من الفعل والانفعال " استراحة محارب , ووقفة تأمل "
والغريب في أمر هذا " الفيروس الذي يتسلل إلى الدماء ! " برغم منحه لنا فرصة لالتقاط الأنفاس , إلا أن ألوانه , وطقوسه تظل حزينة أو تضاهي الحزننفسه ! ومع ذلك يظل في نظري تعبير روحي في غاية السمو والجمال , حيث تعبر الروح من خلاله عن المواقف , والمشاهد , واللحظات , بل وحتى التصورات الحياتية بعيدا عن الأزمات النفسية الخانقة , أو التشجنات الدرامية المختلفة التي يمارسها الحضور .
ولو أخذنا الموضوع من جانب نفسي / فلسفي ! بعض الشيء , لقلنا أن الأشياء التي نعتقد أنها مهمة أو تستحق العيش من أجلها , وإن كانت تلك الأشياء نسبية بين الناس إلا أنها هي المسؤولة في المقام الأول عن تفجير طاقتنا المختبئة , تلك الملكات التي لم نكن نعرفها في دواخلنا كالتعبير اللفظي الرقيق عن حالة استثنائية , أو تجربة مثيرة , أو حتى صورة نراها , ونلمسها بشيء من الدهشة , لأننا لم نعتد عليها , أو لأنها تحرض فينا فعلا خفيا أو تفاعلا غير مألوف . تلك الأشياء هي التي تصيبنا في مقتل عندما تتعرض لهزات قدرية , أو مواقف بشرية معينة !
ولذلك عندما نقول : " ليس هناك ما يستحق " فنحن في الحقيقة نحاول عبثا ممارسة الرفض المعتاد الشكلي أو الصوري لأحزان والام الحياة التي لا تنتهي , ونعزي أنفسنا برداء القناعة الذي لا يستطيع أن يصمد طويلا أمام مفاتن ومباهج الحياة الكثيرة , والحقيقة التي نتجاهلها أو نحاول تغييبها هو أن " مالا يستحق" هو بحق الفعل الملزم لديمومة الحياة , ولكننا نتنكر له في لحظة ضعف للحركية في مشاعرنا , أو كردة فعل على جمودنا العاطفي نتيجة موقف مؤثر أو مشهد حزين !