لكل دولة من دول العالم عاداتها وتقاليدها التي استمدتتها من الحضارات التي توالت على أرضها جيلا بعد الأخر , وفلسطين كغيرها من الدول احتفظت بمجموعة كبيرة من الموروثات الثقافية والتراثية والحضارية وخاصة الكنعانية , التي تركت أثارها الواضحة من عمران وأدوات وفنون تشكيلية وغيرها , والتي لا تزال متألقة حتى اليوم , ليعلمها الأباء للأبناء جيلا بعد جيل .ٍ
ويعد الثوب الفلسطيني المطرز أو ما يسمى "ثوب التراث" أحد أهم المعالم التي حافظ عليها الفلسطينيون حتى اليوم مع التعديل عليه , إذ كان الثوب الكنعاني يتميز باللون الأحمر , حيث كان الملك الكنعاني يرتدي الرداء الأسود وفوقه السلطة الحمراء , وكان ثوبهم يضم قطعا كثيرة وثقيلة يرتدونها الواحدة فوق الأخرى .
أما في الوقت الحالي , ومع التطور الحاصل في عالم الأزياء ومواكبته , فقد طرأ تعديل كبير على الثوب الكنعاني , حيث أصبح ثوب التراث يحمل ألوانا متعددة للحرير الذي يخاط منه , إضافة إلى لون القماش أيضا ,واختلاف الموديلات , حيث أصبح ثوب التراث ثوبا يتماشى مع الموضة , ويستخدم للسهرات وللمناسبات الوطنية والأفراح المختلفة , ولا يقتصر على الجدات بل أصبحت ترتديه الجدة والأم والطفلة . وفي الأونة الأخيرة , أصبح الثوب الفلسطيني يختلط مع الحضارات الأخرى , حيث أصبح يتم جلب الموديلات الخاصة بالحضارات المختلفة , وتطريز التراث الفلسطيني عليها , مثل الزي الهندي والفرعوني والمغربي والشركسي وغيرها , الأمر الذي أدى إلى الإقبال عليه بشكل كبير جدا من قبل الكثير من النساء اللواتي يرغبن بالتميز في لباسهن .
ومن الجدير بالذكر , أن الحصول على ثوب التراث ليس بالضرورة أن يكون من خلال التفصيل الجديد له , حيث ذكرت مصممة الأزياء "إيمان الجواعدة" أنه يتم استحداث أثواب قديمة وجعلها جديدة من خلال ما يسمى "بالترقيع" إذ يتم قص الأشكال المطرزة على الأثواب القديمة جدا , وخياطتها على أقمشة جديدة يتم تفصيلها بموديلات عصرية , وبهذه العملية يتم الحصول على أثواب جديدة بتكلفة قليلة مع الحفاظ على الأثواب القديمة .
أما بخصوص أسعار ثوب التراث فهي مختلفة ومتباينة , حسب كمية خيوط الحرير التي تخاط بها , إضافة إلى نوع الأقمشة وكمية الخرز الذي ستزين به , وعلى الرغم من ذلك فإن أسعاره تعد مرتفعة نوعا ما , بسبب التعب والوقت الذي يستغرق من أجل إنتاج ثوب جديد , فقد ذكرت لنا "فائقة التلاحمة" صاحبة أحد مشاغل الخياطة وتصميم الأزياء أن عملية إنتاج ثوب تراث تستغرق خطوات ووقت كبير , بدءا من عملية الرسم للتصميم وأخذ المقاسات وانتقالا إلى عملية اختيار الألوان ونوع ولون القماش , حتى يتم الانتقال إلى مرحلة التطريز على كل قطعة على حدى ومن ثم تأتي عملية تركيب الثوب وإضافة الخرز عليه لتنتهي العملية بالقياس والفينيش أي وضع اللمسات الأخيرة عليه , حتى يصبح جاهزا للارتداء .
وبهذه الطريقة بات الثوب الفلسطيني المطرز محافظا على تألقه وبقائه حتى اليوم مضيفا لمسات رائعة في عالم الأزياء والموضة ليتعدى الحدود الفلسطينية ويجتاح المعارض العربية والعالمية , ليسطر نجاحات باهرة في عالم الأزياء والموضة .ِ