"المدينة التي لا ينام فيها جائع

"المدينة التي لا ينام فيها جائع" عبارة تسمع كثيرا في مختلف نواحي العالم ليكون الحديث هنا عن مدينة الخليل , فهي المدينة التي لا ينام فيها جائع لوجود تكية سيدنا إبراهيم عليه السلام فيها .

      فالتكية:هي المكان الذي يوزع فيه الطعام ضيافة وبرا وإحسانا(في مدينة الخليل مجاورة المسجد الإبراهيمي الشريف)

      وقد وجدت التكية امتداد لجود وكرم سيدنا إبراهيم عليه السلام والذي ما كان يدع ضيفا ولا زائرا إلا أفاض عليه من كرمه , فتجذرت هذه الصفة وهذا الطبع الكريم في أهل الخليل ومن سكنها جيلا بعد جيل إلى يومنا الحاضر.

تاريخها:

      بدايتها من زمن صلاح الدين الأيوبي , الذي اهتم بالجيش المحرر لبلاد المسلمين وعلى رأسها فلسطين فصنع ما يسمى "بالرباط" المحاذي للحرم الإبراهيمي الشريف قرب الجاولية والذي يقدم الطعام مطبوخا على الجنود المرابطين الفاتحين. ثم بعد ذلك أصبح يبسط ما يعرف ب(السماط)ويوضع عليه الطعام للناس والفقراء والمحتاجين.

      ومن ثم تتطور الأمر ليقدم الطعام لأهل الخليل ومن وفد إليهم بواقع ثلاث وجبات يوميا,فعندما يسمع الناس الطبل يعرفون أن الحساء جاهز وهذا ما عرفه الناس حينها ب(الطبلانية) وكانت هذه البداية بتاريخ 1279م على يد السلطان قالون الصالحي زمن القائد صلاح الدين الأيوبي.

     وتوجد التكية بالقرب من الحرم الإبراهيمي

حيث كانت التكية حينها ملاصقة للحرم ومكونه من غرف ومخازن وأفران وطواحين وغرف تناول الطعام فيها الضيوف والوافدين ومخازن يوضع فيها القمح والشعير

ثلاثة أفران وتسعه مطاحن تنتج كل يوم ما يعادل 15 ألف رغيف يوميا,وهذا ما تعمل عليه إدارة الأوقاف على إنشاء مثله هذه الأيام.

    واستمر العمل في (الرباط) المحاذية للحرم الإبراهيمي إلى العام 1964م. وعند ذلك التاريخ تم هدم المبنى وملحقاته بحجة تنظيم وتجميل المسجد الإبراهيمي. وتم نقل المبنى إلى مكان مؤقت قرب بركة السلطان.

     وبيارة الماء(المصنعة) يعد المكان المؤقت الذي استمر إلى عام 1983م عند بركة السلطان .انتقل المبنى إلى الجهة الشمالية القريبة من المسجد الإبراهيمي كموقع ثابت.

ويقع المكان فوق بيارة الماء أو ما يعرف بالمصنعة

وتم إنشاء هذا المبنى بأمر من أوقاف الخليل والمبنى لازال إلى يومنا هذا يقدم الخير إلى الناس بلا انقطاع بفضل الله وتوفيقه.

وارداتها:

    كانت ترصد لها الأموال والمخصصات اللازمة عبر التاريخ لاستمرار عملها وكان ذلك من الوقفيات والعقارات التي أوقفها السلاطين والملوك والقادة على المسجد الإبراهيمي والتكية الإبراهيمية .

     وقد حفظت هذه الوقوف في صندوق العمل المحفوظ إلى الآن في مقام النبي يوسف وإحياء التراث .

وكان الوقف يصل من مصر والشام وشرق الإردن ومن جميع أنحاء فلسطين ,كمرج ابن عامر ومدن وقرى نابلس والقدس وبئر السبع ووقف الخليل الرحمن في مدينة الخليل,كذلك ضريبة الأراضي العشرية,والحكر التي تعود لوقف خليل الرحمن. ثم تطور الأمر إلى أن يصل التكية تبرعات المحسنين في يومنا هذا من سكان الخليل ومن الزوار المسلمين من شتى بقاع العالم. وتعكف إدارة التكية على وضع صندوق تبرعات خاص بالتكية الإبراهيمية في الحرم الإبراهيمي.

مالها:

     لاهتمام وزارة الأوقاف البالغ بالتكية الإبراهيمية فقد طورتها لكي تصبح دائرة من دوائرها ويعمل طاقمها المتكامل بانسجام وأمانه وتفان حاملا رسالة نبي الله خليل الرحمن إبراهيم السمحه الكريمة ليؤديها من بعده كما هي سنة حسنة جارية لكل ضيف ووافد وزائر مع خالص الحب والتقدير.

برنامجها اليومي

يذكر رئيس الطهاة السيد "لؤي الخطيب" لدنيا الوطن   "نعمل على مدار العام بلا انقطاع يوميا على النحو التالي:

السبت والثلاثاء والأربعاء والخميس (جريشة)(قمح مجروش عنبر) أو ما يعرف عبر التاريخ ب(الدشيشة) ويسميها الناس اليوم الاسم الشعبي الشائع(الشوربة)

    أما في يومي الاثنين والجمعة فيتم طبخ الأصناف المتعددة من الوجبات الساخنة: كالحم الطازج مع مرقتها ودجاج طازج مع مرقته وفاصولياء ناشفة مع اللحم وفاصولياء خضراء مع اللحم ولبن معقود مع اللحم

ولبنية أرز بيضاء مع اللحم البينة برغل مع اللحم وبامية مع اللحم وعدس مجروش مع اللحم وبازيلاء مع اللحم والحمة الطازجة مع بندورة(دمعة) .

     ومن الجدير بالذكر أن للمأكولات التي تقدم في التكية نكهة خاصة يعجز أي طباخ في العالم عن طهيها , حيث يذكر الطهاة في التكية بأنهم يقومون بطهي هذه المأكولات في منازلهم بنفس الطريقة ولكن مذاقها لا يكون بنفس المذاق , إذ يقول الكثيرون بأن العامل الروحاني له دوره في إعطاء النكهة في التكية .

وتقدم التكية أطعمتها في مناسبات مختلفة كالهجرة والإسراء والمعراج والمولد النبوي الشريف يتم عمل (الزردة)وهي عبارة عن ماء وأرز وسكر وقرفة وماء زهر.

وتقدم التكية وجبات طعام ساخنة للمستفيدين على مستوى محافظة الخليل وذلك يومي الاثنين والجمعة ويتم طبخ الشوربة قمح مجروش وتوزيعها يوميا على مدار العام,وتقدم للوافدين على مستوى محافظة الخليل,وللضيوف من جميع أنحاء العالم , وتتراوح أعداد المستفيدين من التكية مابين 2000 إلى 3000 شخص وفي شهر رمضان المبارك تقدم فيه وجبات الطعام الساخنة على اختلاف أنواع الطعام من دجاج ولحم وغيره,وذلك طيلة أيام الشهر الكريم والوجبات بالكامل نفقاتها من أهل الخير والمتبرعين الكرام من أبناء الخليل .

ويتجه أطفال ونساء وشيوخ المدينة إلى التكية بعد الانتهاء من تحضير الطعام حاملين الأوعية التي يسكب لهم فيها الطعام دون مقابل لتكون الخليل هي المدينة العالمية باماتياز التي لا ينام فيها فقير جائع .

يعطيك الف عافيه ابو احمد
شكرا لمجهودك المميز

تحياتي

شكرا لمرورك العراب
نورت يا غالي