بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبشر يا أبا البنات
كان العرب في الجاهلية،لا يحبون البنات،ويترقبون الأولاد، للوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في حياتهم،وكان عدم حبهم وكراهتها لها،الخوف من عارها،بل وعلى قتلها ووأْدِها،
كما قال الله تعالى(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ،يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)النحل،
وقال(وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ،بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)التكوير،
حتى بعث الله نبينا محمداً،صلى الله عليه وسلم،فحرَّم هذه الفِعلة الشنعاء،وهي وأد البنات،
فعن المغيرة بن شعبة،رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(إن الله تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات،ومنعاً وهات،ووأد البنات،وكره لكم قيل وقال ،وكثرة السؤال،وإضاعة المال)رواه البخاري،
قال ابن حجر،قوله،صلى الله عليه وسلم(ووأد البنات)هو دفن البنات بالحياة, وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك كراهة فيهن،
وعن عبد الله بن عباس،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(من ولدت له ابنة فلم يئدها ولم يهنها،ولم يؤثر ولده عليها،يعني الذكر،أدخله الله بها الجنة)رواه أحمد، وصححه الحاكم،
هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد،وابن ماجه،عن عقبة بن عامر قال،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقول(من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجاباً من النار يوم القيامة)
وهذا يدل على فضل الإحسان إلى البنات والقيام بشئونهن،رغبة فيما عند الله عز وجل،فإن ذلك من أسباب دخول الجنة والسلامة من النار،
لم يكتف النبي،صلى الله عليه وسلم،بالنهي الشديد عن وأد البنات، بل جاء معتنياً بهن، بغية تصحيح مسار البشرية وإعادتها إلى طريق الإنسانية والرحمة، وتكريماً للبنات وحماية لهن، وحفظاً لحقوقهن، بل وأمر،صلى الله عليه وسلم،في أحاديث كثيرة بالإحسان إليهن، ووعد من يرعاهن ويحسن إليهن بالأجر الجزيل والمنزلة العالية، ومن ذلك،
عن أنس بن مالك،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم( مَنْ عال جارتين (بنتين)حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه )رواه مسلم،
وفي رواية الترمذي،عن عائشة،رضي الله عنها،لم يحدد النبي ،صلى الله عليه وسلم،عدداً من البنات،فقال(من ابتُلي بشيءٍ من البناتِ فصبر عليهِنَّ كُنَّ له حجاباً من النَّار )
وعن أبي سعيد الخدري،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(مَن كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَوات،أو ابنتان أو أُختان،فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ َفلهُ الجنَّةَ )رواه الترمذي،
وقوله،صلى الله عليه وسلم،في الحديث( أو )للتنويع لا للشك،ففي رواية جابر بن عبد الله،رضي الله عنه،أن النبي، صلى الله عليه وسلم،قال(من كان له ثلاث بنات يؤدبهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنَّةُ ألبتةَ، قيل يا رسولَ الله،فإن كانتا اثنتين،قال،وإن كانتا اثنتين،قال،فرأى بعضُ القوم أن لو قال،واحدة،لقال،واحدة ) رواه أحمد وصححه الألباني،
وعن عائشة رضي الله عنها،قالت،قال رسول الله،صلى الله علي وسلم(ليسَ أَحَدٌ من أمتي يعولُ ثلاثَ بنات،أو ثلاث أخوات،فيحسنَ إليهنَّ إلا كُنَّ له ستراً من النار)رواه الطبراني وصححه الألباني،
وفي هذه الأحاديث تأكيد النبي،صلى الله عليه وسلم،على حق البنات على آبائهم أو من يقوم على تربيتهن،وذلك لما فيهن من الضعف غالباً عن القيام بمصالح أنفسهن، وليست القضية طعاماً ولباساً وتزويجاً فقط، بل أدباً ورحمة، وحسن تربية واتقاءً للهِ فيهنَّ، فالعول في الغالب يكون بالقيام بمئونة البدن، من الكسوة والطعام والشراب والسكن والفراش ونحو ذلك،وكذلك يكون في غذاء الروح، بالتعليم والتهذيب والتوجيه، والأمر بالخير والنهي عن الشر، وحسن التربية،
وقال ابن باز،وهذا يدل على فضل الإحسان إلى البنات والقيام بشئونهن، رغبةً فيما عند الله،عز وجل،فإن ذلك من أسباب دخول الجنة والسلامة من النار،ويرجى لمن عال غير البنات من الأخوات والعمات والخالات وغيرهن من ذوي الحاجة فأحسن إليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن أن يحصل له من الأجر مثل ما ذكر النبي،صلى الله عليه وسلم،في حق من عال ثلاث بنات، وفضْل الله واسع ورحمته عظيمة،وهكذا من عال واحدة أو اثنتين من البنات أو غيرهن فأحسن إليهن يُرجى له الأجر العظيم والثواب الجزيل،
وقال،الإحسان للبنات ونحوهن يكون بتربيتهن التربية الإسلامية وتعليمهن، وتنشئتهنّ على الحق،والحرص على عفتهن، وبعدهن عما حرم الله من التبرج وغيره،وبذلك يُعلم أنه ليس المقصود مجرد الإحسان بالأكل والشرب والكسوة فقط، بل المراد ما هو أعم من ذلك من الإحسان إليهن في عمل الدين والدنيا،
لقد رفع النبي،صلى الله عليه وسلم،قيمة ومنزلة البنات، وجعل لمن رزقه الله بنات بل بنتاً واحدة من الفضائل والمِنح،ما تمتدُّ نحوَها الأعناق، وتهفو إليها القلوب،
فيا عائلاً للبنات،أبشِر بحِجاب من النار،وأبشر بالجنَّة بصحبة النبي المختار،صلى الله عليه وسلم،فهو القائل( مَن عال ابنتينِ أو ثلاثاً، أو أختينِ أو ثلاثاً،حتى يبن أو يموتَ عنهنَّ كُنْتُ أنا وهو في الجنَّةِ كهاتين،وأشار بأُصبُعِه الوسطى والَّتي تليها )
قال الحسن البصري،رحمه الله،البنات حسنات والبنون نعّم، والحسنات مجزي عليها، والنعّم محاسب عليها،
إن إكرام البنات والعناية بهن، والقرب منهن، والتأديب، والرعاية، والشفقة عمل عظيم، فأحسن الله إلى من أحسن إليهن، وأكرم الله من أكرمهن،
التربية الصالحة للأولاد ينتفع بها الآباء والأمهات في الدنيا والآخرة، وتعود بالبركة على الأسرة بأجمعها،
أما في الدنيا،مما يحصل من البر منهم، وكذلك من فعلهم للحسنات وكونهم قدوة في الخير، وشامة بين الناس، يغبطك عليهم الآخرون مما يرون من صلاحهم ودينهم،
وأما في الآخرة،فهم حسنات جارية تكتب في صحائف أعمالك، فترتقي بها عند الله، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم(إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث،أو ولد صالح يدعو له)
والولد يشمل الذكر والأنثى،
بل حتى إذا دخل الجنة يستفيد،قال عليه الصلاة والسلام(إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول،أنى هذا،فيقال،باستغفار ولدك لك)
اللهم أعنا على تربية أبنائنا وبناتنا،وانبت بناتنا نباتاً حسناً،وأعنا على تربيتهم تربيه صحيحه،ونسألك اللهم أن تهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن تجعلنا للمتقين إماماً،وإنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.