أصواتكم وصراخكم
جميعنا لدينا صوت
كلنا نريد أن نصرخ
أعلم بأنكم تتمنون أن يصل صوتكم
ولكن , قبل أن تصرخون أو أسمع لكم صوت !
أنتظروا قليلا ...
أنتظروا ودعونا نتوقف ,
نتوقف .. دقيقة صمت
نتوقف لنسترجع الماضي , لنسترجع الذكرى
نتذكر يوم بكينا
نتذكر أوقاتً ضحكنا
نتذكر من رحلوا عنا
دون أن ننسى من أستقبلونا
دعونا نعيش طفولتنا الآن في هذه اللحظة (لحظةُ الصمت)
كنا ابرياء
كان الجميع يحبوننا
لم يكن لدينا اعداء
بل الكل لنا اصدقاء
كنا نلعب
كنا نحلم
كنا نسرح في الخيال
لم نعرف الأرق
لم نسمع بـالـوجع
لم نشعر يومً بالقهر
كنا نذرف الدموع (كذب)
مدللون إلى أقصى حد
هذا ما كنـــا عليه !
- فماذا جرى لنا الآن ؟
- ماذا جرى ..!
أحلامنا ضاعت
أحلامنا تلاشت
الأمل نسيناه
والحظ فقدناه
والفُرص أضعناها , فمرت فوقنا مرور السحاب
والآن ما رأيكم لو رفعنا الصوت ؟
أرفعوه قليلا ...
معي قليلا ...
قليلا ...
قليلا ...
والآن دعونـــا نصرخ بعالِ الصوت ...
نصرخ : أيــها الناس أسمعوا ؟
- يسمعون ماذا ؟
- أو لماذا يسمعوا ؟
يسمعون من !
أو صوت مــن ؟
أو صراخ من !
أنا , أم أنت , أم هي !
صرختي , أم صرختك , أم صرختُها الناعمة !
- لمن نصرخ ؟
- وعلى من ؟
- أعلى الدنيا , أم على البشر ؟
- على أنفسنا , أم على الآخرين ؟
- على العدو الذي لا يرحم , أم على الصديق أرحم ؟
- على الوطن , أم على من دمروه ؟
- على آدم , أم على حواء ؟
- على تصرفاتنا , أم على تصرفات الغير ؟
- على المجتمع , أم على التقاليد ؟
- على ضميرنا الذي تعب , أم على من لا يشعر بالذنب ؟
- على الحساد , أم على من يحقدون ؟
- على العزلة , أم على الفراق بداخلنـــا ؟
- على من نصرخ ؟
- ومن نريده أن يسمع الصوت ؟
فالكل يصرخ ويصرخ , والكل يرفع الصوت
- فصرخات من تلك التي تُسمع ؟
صرخة اليتيم
أم صرخة الفقير
صرخات من يهربون من المدافع
أم صرخة المجروح يـــئن
- فأي الصرخات ستعلو فوق ؟
فالضجيج في كل مكان يُسمع
ولم يعد أحد يدري ماذا يسمع
صوت المنكسر , أم صوت المظلوم !
صوت الموجوع , أم صوت المفجوع !
لم يعد أحد يملك ألا صوت
وهناك من لديه صرخة
والذي يملك الصوت , يصرخُ به في الوجدان فقط
لا يتجرأ أن يصرخ في العلن
فأما سيُسجن , أو المجتمع سيقضي عليه
- فالمديون يصرخ : لا أملك من المال شيء
- والمريض على فراشه يصيح بلا صوت
- والذليل يصرخ : كنتُ بالأمس في القوم عزيز
- والأب صرخاته تدوي بعدما باعه ابـــنه
- والسجين من صرخاته .. تعاطف معه المحكوم بالأعدام
- والمُكتئب يصرخ : مللت الحياة
- والعامل بعالِ الصوت يصرخ : أين المُرتب
كلها صرخات وصرخات
صرخات تدوي في كل مكان
في كل أنسان
في كل أرض
وفي كل الأزمان بالطبع
- فكيف تريدهم أن يسمعون لك صوت ؟
ليس لك حلٌ عدى ما يفعلهُ الصالحون والنبلاء !
- ويحــي !
نعم ويحي .. فماذا يفعلون ؟
- وهل حقا لديـــهم صوت ؟
بلى , لديهم صوت
لكن ليس كأي صوت
- صوت الدعاء
- صوت تلاوة القرآن
- صوتــهم يتوسلون في السحر
- أصواتـهم يُكبِرون
يُكبِرون .. بصوت الأذان
صوت السكينة والطمأنينة
صوت الراحة والهدوء
هم بأنفُسِهم سكتوا
ليس كمثلنا نحن .. لا نعرف ألا الصراخ
والصراخ على قدر الألــــم (هذا ما جاء في الأمثلة)!
صراخٌ نريد لبشر مثلنا أن يسمعه
صراخٌ لعله يحقق لنــا المراد
صراخٌ ضاع بين الصرخات
صراخٌ حُبِس بداخلنا
صراخٌ ليت الغير به يُحس
صراخٌ قطع حبال صوتنا
... والنتيجة ماذا ؟
- لا صوتنـــا هو الذي سُمِع !
- ولا بقية الأصوات أستفادت !
تداخلت الأصوات كلها ,
وأختلطت الصرخات في بعضها ,
فــ عمت الفوضى .. وأصبحنا نعيش ضوضـــاء وصخب
- فما العمل إذاً ؟
- وما الحـــل ؟
- وكيف نرفع أصواتنا فوق أصوات الجميع ؟
للأسف !
ليس هناك حــل ؟
أنت لديك مشكلة , وغيرك اسوء منك
أنت في معضلة , والآخرين توالت عليهم المصائب
فلا تظن وحدك تعيش
ولا تظن صوتك أفضل من أحد
ولا تظن صراخك أقوى من الجميع
فكما تريد أن تصرخ فــ غيرك كذلك , وربما صرخته أكثر ألحــاحا منك
صوتنا بين الصرخات ضـــاع
وبين زحام الأصوات أختفى
نسينا مشاكلنا .. بعدما سمعنا صرخات الآخرين وما يعانون
أعرف بأن الكل يريد أن يصرخ ... أعرف ذلك!
أعلم بأنكم تريدون أيصال أصواتكم !
ولكن , هل تعرفون ماذا ؟
- أحتفظوا بأصواتكم ... ولا أحد يصرخ !
فــ ضجيجُ غيركم وصل السمـــاء