سر الزاوية
كنت أسكن في حي شعبي حيث تملأ أصوات الباعة المتجولون الطرق وتدب الحياة فيه بضحكات الاطفال مع مرور الزمن تحول هذا الحي إلى شارع يضج بالمطاعم والمحلات التجارية ، وكان لابد لي من المرور يوميا في هذا الطريق للوصول إلى منزلي ، ما شد انتباهي خلال هذه السنوات هو موقع محل في الزاوية ، كان هذا المحل الصغير الموجود بهذه الزاوية يتغير كل فترة فلا تمضي سنه إلا وتحول من محل للملابس إلى محل تجاري لبيع المواد الغذائية ثم إلى خياط ثم إلى محل للهواتف النقاله ، كانت هذه الزاوية لاتستقر أبدا ً .
حتى قرر بائع الخضروات المجاور لها ضمها إلى محله ، وذات يوم اثناء عودتي قررت التوقف للحظات لشراء بعض الفواكة والخضروات ، كان رجلا ً طاعنا ً في السن ، عندما يبتسم تنكشف شفتاه عن لثة داكنه واسنان نحتها الزمن ، رأيت أن الموقع الذي في الزاوية خالي من البضاعة وعندما طرحت عليه سؤالي صارحني بقراره بأعادة المحل كما كان والتخلي عن هذه الزاوية ، اصابتني الدهشه فالمحل تم توسيعه منذ اسابيع فقط .
وادرك اندهاشي فقال هذه الزاوية أخذت ظلما ً من اصحابها ومن يحاول الاستثمار فيها لاينجح فالبضاعة تحل عليها لعنة هذا المكان وعندما اضع الخضروات في هذه الجهه من الزاوية تفسد ولايشتريها أحد وعندما اضعها هنا لايمضي اليوم إلا والصناديق فارغة ، ابتسمت مستغربا من هذه الخرافة التي يتفوه بها هذا الرجل الطاعن بالسن .
وعندما عدت للمنزل وقبلت رأس جدتي واخبرتها بالحكاية فقالت لي يا أبني منذ سنوات مضت كانت تسكن في هذه الزاوية ارملة مع ابنتها الصغيرة في بيتها المصنوع من الطين ، كانت المرأة تحيك الملابس لنساء الحي وتكسب بعض الدراهم التي تسد رمق الجوع.
وفي يوم ٍ من الايام مرضت ابنتها الصغيرة ولم تكفيها نقودها لشراء الدواء فذهبت إلى تاجر في الحي وطلبت اقتراض بعض الدراهم لكنه اشترط عليها أن ترهن شيئا ً لديها وإذا تاخرت في سداد الدين استولى عليه ولم تملك إلا ورقة المنزل وفي الماضي كان االفقراء يرهنون منازلهم عند اقتراضهم المال ، سلمته الورقه وسلمها الدراهم التي كانت سبيل النجاة لأبنتها الصغيرة ومضت الايام قاسية ولم تجد هذه المراة أي عمل يساعدها في سداد الدين وانتهى الوقت سريعا ً فكشر التاجر عن انيابه واستولى على المنزل لعجز هذه الارملة عن دفع الدراهم القليلة ولم يطرف له جفن وهو يرميها خارج المنزل مع ابنتها فرفعت يدها تشكو لخالقها وإلى هذا اليوم كما ترى يا أبني لم يوفق التاجر في هذه الزاوية ولم تعد عليه بالفائدة فقد حلت عليها لعنة المظلوم .
بقلم ليلى المطوع