الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قد تتعرف على شخص وتتبادلان سرور الحياة وحزنها، لذتها ومرارتها، حلوها ومرها، همومها ومشاقها، وتتعاونان عليها ويلحق من أحدكما تجاه الثاني أوالعكس بوادر خير كثيرة وتصدر فضائل منكما قلت أم كثرت وقد تتبادلانها أحيانا، فتعيشان في أخوة عظيمة وانسجام كبير ربما يظهر ذوبان الذاتية حينها.
إلا أن الأيام ما زالت تخفي الحقيقة الشخصية التي لا يعلم كنهها إلا الله تعالى الذي (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) ولأن الأخ من الرحم أو في الله بشر موفق للصواب برهة و معرض للخطأ أخرى، و لأن الزمالة أوالصحبة أحيانا تعميها نزوات الدهر عن ذلك لا تنتظران من كليكما إلا الخير، وقد لا تتصوران أبدا صدور الخطأ، فإذا بالزمان استدار وأوقع أحدكما في ما لا مهرب منه وهو الزلل في التصرف لأن الكمال لله وحده وقد يحدث ذلك أثناء تأدية عمل في الغالب، وتقع المفاجأة موقعا قويا من نفس الآخر لأنه كما يقال (الذي لا يعمل لا يخطىء) ولأن البشر أوتوا شح النفس كما قال ربنا سبحانه (وأحضرت الأنفس الشح)، هنا تظهر الحقائق لأن المواقف كاشفة، يا ترى كيف ستتصرف مع خطأ من خبرت صدقه ولو ظاهرا؟ 
النصيحة:
إياك تجاهل فضائله عليك، قال تعالى (و لاتنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير)، لا يجوز نسيان الخير السابق من غيرنا تجاهنا في لحظة غضب أوتمسك بالذات ومنافعها الخاصة ورغبات النفس.
حرام إيلاء الفضل السابق الدبر وربما كان كثيرا علينا وربما لم نقابله يوما بخير من قبلنا، فالعاقل من إذا أخطأ الناس معه نظر بسرعة إلى فضائلهم عليه وكانت من المعينات على كظم الغيظ، اللبيب من جعل نفسه أسيرا لسوابق الناس فكبح جماح نفسه والمؤدب من انحنى أمام أطواد شامخة من منافعهم وعرف للناس قيمتهم وتجاوز عنهم لعل الله يتجاوز عنه لأن الله كذلك ينظر إلى سوابقنا معه فيعفو عنا بسببها فلتكن منك خصلة ربانية تكن لك عونا على السمو بالخلق. 
كثير من الأنانيين يقيمون الدنيا ولايقعدونها بسبب خطأ الخلان ضاربا عرض الحائط خيرهم فإما يقع في حرج إذا غلبتهم أنفسهم وفضحوه بذلك أمام الملأ، وقد يتسبب في إيلام سرائرهم إن لم يكونوا من المنانين وهذا يضره لأنهم يحتسبون ذلك عليه عند الله.
احذر من كشف المخطىء خيره معك، احذر إيلام المخطىء بكثرة تأنيبك له لأنه سبب فراقه إياك فقد اكتشف أنك لا تستره، واتضح له زيف صداقتك، احذر احتسابه الله تعالى لأنه إذا غضب عليك بسبب عبده ضرك عقابه.