أصوات مرعبة
وعادت تلك الأصوات لتغتال مخيلتي؛ ترعب وجودي؛ بل وتزيد حدتها، وكأنها تتأبط خبرا تريد الإدلاء به؛ سر! ربما...
أعطيت كل الحرية المطلقة لحواسي، لكن تأثيرها كان قوي، لدرجة أن عقلي يرفض التفكير.
أيعقل أن تكون نسج من نفسيتي التي لا تتقبل هذا الوضع المؤلم؟
وجدت نفسي في برهة سجين، بالكاد أتنفس، كيف غدوت في محيط مظلم؟ لا أرى فيه إشارة حياة، ليس به مدخل ولا مخرج.
حاولت الصراخ! لكن حلقي مقبوض، لا ينتج سوى غرغرة مثيرة للسخرية؛ أحاول التفكير وليس سوى صدى عجزي يسمع بذهني الفارغ.
إذن حاولت أن أفتح عيني جيداً، حتى أجسد الظلال من حولي، اتضح لي ذلك مستحيلاً، والظلام فقط ما يطوقني..
تسارعت للمس الجدران من حولي، أمسكت مادة رطبة غامضة، لزجة قليلة، أهذا ما يسمى كهف؟ ربما! ..
جربت الزحف للخروج، لكني أحس أن كل أطرافي عالقة، الهواء منعدم، ولا أقدر على الحراك..
تدريجياً، يوماً بعد يوم، وساعة بعد ساعة، أدركت أنه: حين نتقبل الوضع ونرضى بالقدر، نعطي ليونة أكثر لسيرورة الحياة ..
في تلك الدقيقة السحرية، التي سمحت بها لنفسي أن تهدأ، بدأت أستمتع بصفاء اللحظة، وأنتعش بالهدوء المطلق، أحسست أن الأمان يتخللني، أني محمي بشكل غريب، لا جوع ولا عطش؛ أيا كان يسجنني، فإنه لم يكن قاسياً! لكن لازلت لا أدري ما الغرض من وجودي في هذا السجن؟
فجأة بدأت أسمع صوتاً يشبه صوت رقصات الشجر حين تداعبها الرياح، ثم وشوشات بعيدة، تقترب وتقترب؛ إلى أن غدت ضوضاء! مدوية كالقصف برأسي، كموجات طبل على جمجمتي ..
بدأت أرتجف! أعتقد أن الخوف يسيطر على جسدي، نبضات قلبي كأنها موج يتلاطم؛ أحس أني أغرق في حركات لا سيطرة لي عليها! كل أظلعي تنزلق. أنا متأكد أن شيئاً رهيبا سيحدث..
انتهى! وها أنا هنا ملقا بوحشية إلى كون بارد وغريب! أطلق عنان صوتي، بكل قوة تتملكني!
الآن فقط
أعتقد أني فهمت! سأبدأ من هذه اللحظة قصة حياتي.