"4 كيلو عنب بـ 10 شيكل" بتلك الأسعار المتدنية جداً، عما كنت عليه العام الماضي، ينادي بائع العنب أحمد شملخ (25 عاماً)، على عربته المتجولة في شوارع مدينة غزة، محاولاً استقطاب الزبائن للشراء منه.
وعلى الرغم من معرفته جيداً بأن تلك الأسعار التي يبيع فيها تعتبر أقل من سعر التكلفة، إلا أنه يريد أن يتماشى مع أسعار القطاع، لأن العنب لو بقي فترة أطول على الأشجار سيعطب وسيخسر أضعاف ما يخسره حالياً، إضافة إلى أن الفواكه المستوردة تملأ الأسواق بأسعار منخفضة، مما انعكس سلباً على موسم العنب.
وبحسب وزارة الزراعة في غزة، فإنه لأول مرة منذ 15 عاماً ينخفض سعر كيلو العنب لأقل من 3 شواقل للمستهلك، فيما يباع من أرضه بشيقلين اثنين، أي أنه يباع بسعر أقل من التكلفة، الأمر الذي أزعج مزارعو العنب، كونهم تلقوا خسائر كبيرة، وخاصة أنهم أنفقوا أموالاً طائلة على شراء مبيدات حشرية وسماد للأشجار، ناهيك عن التعب والجهد والاعتناء به لغاية نضوجه.
وأنتجت أراضي قطاع غزة المزروعة بفاكهة العنب أكثر من 9800 طن منه، أي بزيادة في الإنتاج بلغت 130% عن العام الماضي، الأمر الذي لم يكن بحسبان المزارعين، لأنه خفض من سعر الكيلو، ولكنه كان في مصلحة المستهلك.
يوضح الشاب شملخ، أنه يعمل بشركة ألمنيوم، ولكن مع كل بداية لموسم العنب والتين يتوقف عن العمل بذلك المجال، ويباشر بقطف عناقيد العنب من أرضه بمنطقة الشيخ عجلين والتي تبلغ مساحتها 3 دونمات، ويقوم ببيعه على عربته المتنقلة بأسواق قطاع غزة، وأحياناً أخرى بأحياء المدينة الشعبية لأنها تعج بالسكان، لعله يجد ربحاً زيادة عما يُحصبه من العمل داخل الورشة.
ويشير إلى أنه تكبد الموسم الحالي خسائر كبيرة، على عكس ما كان متوقع، حيث كان على ثقة بأن يجني أرباحاً هذا الموسم لأن الإنتاج كان بوفرة كبيرة، ولم يتعرض لأمراض كالعام الماضي، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن بالنسبة له، ولمعظم المزارعين، بسبب الكميات الكبيرة من الفاكهة التي غزت الأسواق.
ويؤكد، أن كمية الفواكه المستوردة، أثرت بشكل سلبي على منتوج العنب، وعلى الرغم من الإنتاج الوفير منه إلا أنه لم يُسمح بتصديره للخارج، ولو فعلوا ذلك لكان وضع المزارعين أفضل بكثير، وجنوا أرباحاً كبيرة.
من جهته، ينوه حسن الديب، أحد بائعي العنب إلى أنه لا يتأثر بانخفاض أو بارتفاع سعر العنب، لأنه لا يملك أرضاً، بل يذهب إلى المزارعين، ويشتري منهم بسعر الجملة، و بحسب أسعار الأسواق.
ويشير الديب إلى أنه بالفترة الأخيرة يشتري كيلو العنب من أرضه بشيقلين اثنين، ويبيعه بالأسواق ب 3 شواقل وأحياناً بشيقلين ونصف الشيقل، وذلك حسب السوق وحركة البيع والشراء.
وبحكم علاقته مع المزارعين، يؤكد أن معظمهم تعرضوا لخسائر كبيرة، لأن الأسعار التي يبيعون بها منتجهم منخفضة جداً، وهذا الأمر يؤرقهم ويجعلهم يغادرون مجال الزراعة كلياً.
بدوره، يؤكد مدير عام الري والتربة بوزارة الزراعة في غزة، نزار الوحيدي، أن مزارعي العنب في قطاع غزة لم يحققوا الربح المرجو، بسبب عدة عوامل أبرزها وفرة انتاج تلك الفاكهة بشكل أكبر من المتوقع، إضافة إلى استيراد أنواع عدة من الفواكه من الداخل المحتل، وتباع بأسعار منخفضة، ناهيك عن عدم السماح بتصدير العنب إلى "إسرائيل" والخارج.
ويوضح الوحيدي، أن ارتفاع انتاج محصول العنب، الموسم الحالي بسبب ملاءمة الأحوال الجوية وخلو المحصول من الأمراض التي عصفت بكميات كبيرة من الإنتاج خلال العام الماضي وتسببت بارتفاع أسعاره.
ويشير إلى أن الوزارة لن تسمح باستيراد العنب الضفاوي لقطاع غزة، قبل الفاتح من شهر أكتوبر المُقبل، لأن أسواق القطاع ليست بحاجة إلى المزيد منها قبل ذلك التاريخ، إضافة إلى أن الأراضي تخلو منه بتلك الفترة.
يشار إلى أن المناطق الحيوية لزراعة العنب تتركز بمنطقة الشيخ عجلين غربي مدينة غزة، إضافة إلى المناطق المحيطة بوادي غزة وسط القطاع، إضافة إلى وجود بعض المناطق في شمال وجنوب قطاع غزة.