أثار تقرير نشرته صحيفة الغد اليومية حول سبعة عشر ألف عاطل عن العمل في القطاع الطبي أسئلة حيرى، ومخاوف من تفاقم الوضع، وانزلاق هذا القطاع، الذي نفتخر كأردنيين جميعًا بإنجازاته، إلى مناطق ضارة.
نتائج الدراسة يفترض أن تدق جرس الإنذار، لكن إذا ما علمنا أن أعداد المتعطلين عن العمل في هذا القطاع، وفق ديوان الخدمة المدنية، ومؤشرات خاصة بعدد الخريجيين الجدد، وقدرة السوق على انتاج وظائف جديدة، أكثر مما ذكرته الدراسة، فإن الصورة تكون أكثر قتامة مما نتصور.
في السياق ذاته، ما زالت بعض المهن الطبية مطلوبة، ويحتاجها السوق باستمرار، لكن هناك مهن أصبحت مشبعة، وتكاد تصل، إذا ما استمر الاختلال بين أعداد الخريجيين والقدرة على التشغيل، إلى مرحلة الركود.
أكثر من عشرين في المئة من اطباء الأسنان عاطلين عن العمل، ولدى الصيادلة حدث عن هذه الظاهرة ولا حرج، ما يشي بأن الأمر لا يتوقف على عشرات المتعطلين غير الراغبين في العمل، كما ظلت الجهات المعنية تردد.
أن لا يجد طبيب الأسنان، أو الصيدلي، أو غيره من اصحاب المهن الطبية، عملًا، فهذا شأن طبيعي، ويمكن تصوره، لكن أن تنسحب ظاهرة البطالة المقنعة المنتشرة في غير قطاع، خاصة في الوظائف الحكومية، إلى القطاع الطبي، فهذا شأن غير مألوف، ويحتاج إلى توقف ومعالجات فورية.
النقابات المهنية المعنية بالتعاون مع وزارة الصحة وديوان الخدمة المدنية تحاول، بيد أن ضيق الإمكانات، وحجم المشكلة، يجعل نتائج خطواتها متواضعة، بدليل أن حجم البطالة لدى منتسبيها كبير.
معد الدراسة يرى أن التوزيع الجغرافي للمؤسسات الطبية المختل لصالح مناطق وسط المملكة، يزيد من تفاقم المشكلة، بل لعله أحد أبرز أسبابها، ما يستدعي وفقه، إعادة توزيع هذه المؤسسات، كأحد الحلول المقترحة.
منتسبو القطاع الطبي يعانون من بطالة واضحة المعالم، والأسباب معروفة، لعل أبرزها الأعداد المهولة من الخريجيين في هذه المهن، وعجز الأسواق عن استيعابهم، والمجتمع ما زال يعتبر هذه المهن، أو بعضها ذي قيمة اجتماعية عالية، فهلا عملنا جميعًا، دولة ومجتمع، على ضبط الإيقاع في هذا القطاع، وإنقاذه من تداعيات البطالة المنتشرة فيه.